المسوِّغ للابتداء بها كونها في موضع تخصيص؛ قال: «كما حَسُنَ أَنْ يرتفع:» سَلَامٌ عَلَيْكَ «و» خَيْرٌ بَيْنَ يَدَيْكَ «؛ لأنها موضع دعاءٍ» قال شهاب الدين: وفيه نظرٌ.
الثاني: أن تكون «وَصِيَّةٌ» مبتدأ، و «لأَزْوَاجِهِمْ» صفتها، والخبر محذوفٌ، تقديره: فعليهم وصيةٌ لأزواجهم، والجملة خبر الأوَّل.
الثالث: أنها مرفوعة بفعل محذوفٍ، تقديره: كتب عليهم وصيَّةٌ و «لأَزْوَاجِهِمْ» صفةٌ، والجملة خبر الأول أيضاً؛ ويؤيِّد هذا قراءة عبد الله: «كُتِبَ عَلَيْهِمْ وَصِيَّةٌ» وهذا من تفسير المعنى، لا الإعراب؛ إذ ليس هذا من المواضع التي يضمر فيها الفعل.
الرابع: أن «الَّذِينَ» مبتدأٌ، على حذف مضافٍ من الأول، تقديره: ووصيَّةُ الذين.
الخامس: أنه كذلك إلا أنه على حذف مضافٍ من الثاني، تقديره: «وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ أَهْلُ وَصيَّةٍ» ذكر هذين الوجهين الزمخشريُّ، قال أبو حيان: «ولا ضرورة تدعونا إلى ذلك» .
فهذه الخمسة الأولى التي على رفع «وَصِيَّةٌ» . وأمَّا الثلاثة التي على قراءة النصب في «وَصِيَّةٌ» :
فأحدها: أنه فاعل فعل محذوفٍ، تقديره: وليوص الذين، ويكون نصب «وَصِيَّةٌ» على المصدر.
الثاني: أنه مرفوع بفعل مبني للمفعول يتعدَّى لاثنين، تقديره: «وأُلْزِمَ الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ» ويكون نصب «وَصِيَّةً» على أنها مفعولٌ ثانٍ ل «أُلْزِمَ» ، ذكره الزمخشريُّ، وهو والذي قبله ضعيفان؛ لأنه ليس من مواضع إضمار الفعل.
الثالث: أنه مبتدأٌ، وخبره محذوف، وهو الناصب لوصية، تقديره: والذين يتوفون يوصون وصيَّة، وقدره ابن عطية: «لِيُوصُوا» و «وَصِيَّةً» منصوبةٌ على المصدر أيضاً، وفي حرف عبد الله: «الوَصِيَّةُ» رفعاً بالابتداء، والخبر الجارُّ بعدها، أو مضمرٌ أي: فعليهم الوصية، والجارُّ بعدها حالٌ، أو خبرٌ ثانٍ، أو بيانٌ.
قوله تعالى: {مَّتَاعاً} في نصبه سبعة أوجهٍ:
أحدها: أنَّه منصوبٌ بلفظ «وَصِيَّة» لأنها مصدرٌ منونٌ، ولا يضرُّ تأنيثها بالتاء؛ لبنائها عليها؛ فهي كقوله: [الطويل]
١١٥٠ - فَلَوْلَا رَجَاءُ النَّضْرِ مِنْكَ وَرَهْبَةٌ ... عِقَابَكَ قَدْ كَانُوا لَنَا كَالْمَوَارِدِ
والأصل: وصية بمتاع، ثم حذف حرف الجرِّ، اتساعاً، فنصب ما بعده، وهذا إذا لم تجعل «الوصيَّة» منصوبةٌ على المصدر؛ لأن المصدر المؤكَّد لا يعمل، وإنما يجيء