قوله:» فَيُضَاعِفَهُ «قرأ عاصمٌ وابن عامر هنا، وفي الحديد بنصب الفاء، إلَاّ أنَّ ابنَ عامر وعاصماً ويعقوب يشدِّدون العينَ من غير ألفٍ وبابه التشديد وقرأ أبو عمرو في الأحزاب والباقون برفعِها، إلَاّ أنَّ ابن كثير يشدِّد العينَ من غير ألفٍ؛ فحصَلَ فيها أربعُ قراءتٍ.
أحدها: قرأ أبو عمرو ونافع، وحمزة، والكسائيُّ فيضاعفُهُ بالألف ورفع الفاء.
والثانية: قراءة عاصم» فيضاعفه «بالألف ونصب الفاء.
والثالثة: قرأ ابن كثير:» فَيُضَعِّفُهُ «بالتَّشديد، ورفع الفاءِ.
والرابعة: قرأ ابن عامرٍ فيضعِّفَه بالتَّشْديد، ونصب الفاء. فالرَّفْعُ من وجهين:
أحدهما: أنَّهُ عطفٌ على» يقرض «الصِّلةِ.
والثاني: أَنَّهُ رفعٌ على الاستئناف أي: فهو يُضاعِفُهُ، والأولُ أحسنُ لعدَمِ الإِضمارِ.
والنصبُ من وجهين:
أحدهما: أنَّهُ منصوبٌ بإضمارٍ «أَنْ» عطفاً على المصدر المفهوم من «يقرضُ» في المعنى، فيكونُ مصدراً معطوفاً على مصدرٍ تقديرُهُ: مَنْ ذا الذي يكونُ منه إقراضٌ فمضاعفةٌ مِنَ اللهِ تعالى كقوله: [الوافر]
والثاني: أنه نصبٌ على جوابِ الاستفهام في المعنى؛ لأَنَّ الاستفهام وإِنْ وَقَعَ عن المُقْرِضِ لفظاً، فهو عن الإِقراضِ معنى كأنه قال: أيقرضُ اللهَ أَحَدٌ فيضاعفَه.
قال أبو البقاء:«ولا يجوز أن يكونَ جوابَ الاستفهام على اللفظ؛ لأنَّ المُسْتَفْهَمَ عنه في اللَّفْظِ المُقرِضُ أي الفاعلُ للقَرْضِ، لا عن القَرْضِ، أي: الذي هو الفِعْلُ» وقد مَنَع بعضُ النَّحويّين النَّصبَ بعد الفاء في جواب الاستفهام الواقع عن المسندِ إليه الحكمُ لا عن الحُكم، وهو مَحْجوجٌ بهذه الآيةِ وغيرها، كقوله:«مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي؛ فأغفرَ له، مَنْ يَدْعُونِي؛ فأَسْتَجِيبَ له» بالنصبِ فيهما.
قال أبو البقاء: فإنْ قيلَ: لِمَ لَا يُعْطَفُ [الفعل على] المصدرِ الذي هو «قرضاً» كما يُعْطَفُ الفعلُ على المصدرِ بإضمار «أَنْ» كقولِ الشاعر [الوافر]