قال الزَّجَّاج: هو حقيقةٌ، واستدلَّ بما ذكرناه، وقيل: مجازٌ، لأَنَّ القَرْضَ: هو أَنْ يعطي الإنسان ليرجع إليه مثله وهنا إِنَّما ينفق ليرجع إِلَيه بدله، و «القِرض» بالكَسْرِ - لغةٌ فيه حكاها الكِسَائِيُّ، نقله القرطبي.
قوله:«أَضْعَافاً» فيه ثلاثة أوجهٍ:
أظهرها: أَنَّهُ حالٌ من الهاءِ في «فيضاعِفُ» ، وهل هذه حالٌ مؤكِّدَةٌ أو مبيِّنة، الظَّاهِرُ أنها مُبَيِّنَةٌ؛ لأنَّها وإنْ كانَتْ من لفظِ العامِلِ، إلَاّ أنَّها اختصَّتْ بوصفِها بشيءٍ آخَر، ففُهِم منها ما لم يُفْهَمُ من عامِلها، وهذا شأنُ المبيِّنة.
والثاني: أنه مفعولٌ به على تضمين «يضاعفُ» معنى يُصَيِّر، [أي: يُصَيِّره] بالمضاعَفَةِ أضْعافاً.
الثالث: أنه منصوبٌ على المصدر.
قال أبو حيان:[قيل] ويجوزُ أَنْ يَنْتَصِبَ على المصدرِ باعتبار أَنْ يُطْلَقَ الضِّعْفُ - وهو المضَاعفُ، أو المضعِّفُ - بمعنى المضاعفة، أو التضعيف، كما أُطلِقَ العطاء، وهو اسمُ المُعْطَى بمعنى الإِعطاء. وجُمِعَ لاختلافِ جهاتِ التضعيفِ باعتبارِ اختلاف الأشخاص، واختلاف المُقْرِضِ واختلافِ أنواعِ الجَزَاءِ. وسبقه إلى هذا أبُو البقاءِ، وهذه عبارتُهُ، وأنشد:[الوافر]
والأَضْافُ جمعُ «ضِعْف» ، والضِّعْفُ مثل قَدْرَيْنِ مُتَسَاوييْن. وقيل: مثلُ الشَّيء في المِقْدَارِ. ويقالُ: ضِعْفُ الشَّيء: مثلُهُ ثلاثَ مرات، إلَاّ أنه إذا قيل «ضعفان» ، فقد يُطْلَقُ على الاثنين المِثْلَيْنِ في القَدْرِ من حيثُ إِنَّ كلَّ واحدٍ يُضعِّفُ الآخرَ، كما يُقالُ زَوْجان، من حيث إنَّ كلاً منهما زوجٌ للآخر.
فصل
لما أمر اللهُ تعالى بالجهادِ، والقتال على الحَقّ؛ إذ ليس شيءٌ من الشَّريعة، إِلَاّ ويجوز القِتَالُ عليه وعنه، وأعظمها دينُ الإِسلام، حرَّض تعالى على الإِنفاقِ في ذلك؛ فَدَخل في ذلك: المُقَاتِلُ في سبيلِ اللهِ، فإِنَّهُ يَقْرضُ رجاء الثَّوابِ، كما فعلَ عثمانُ - رضي اللهُ عنه - في جيشِ العُسْرَةِ.