للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الفقيرُ لا يملك شيئاً، وكان في قلبه أنه لو قدر على الإِنفاق لأنفق، وأعطى، فحينئذٍ تكون نيته قائمةً مقام الإِنفاق، فقد روي أَنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: «مَنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَا يَتَصَدَّقُ بِهِ؛ فَلْيَلْعَنِ اليهُود، فإنَّه لهُ صَدَقَة» .

فصل

قال القرطبي: وذكر القَرْضِ ها هنا إِنَّما هو تأنيسٌ، وتقريبٌ للنَّاسِ بما يفهمونه، واللهُ هو الغنيُّ الحميدُ، لكنَّهُ تعالى شبَّه عطاء المؤمنين في الدُّنيا، بما يرجون به ثوابه في الآخرةِ بالقرض كما شبَّه إِعطاء النُّفوسِ، والأموال في أَخذِ الجنَّةِ، بالبيع والشراء.

قوله تعالى: «حَسَناً» قال الواقديُّ: محتسب طيبة به نفسه.

وقال عمرو بن عثمان الصَّدفيُّ: «لا يتبعه مَنّاً، ولا أَذى» .

وقال سهلُ بن عبد اللهِ: لا يعتقِدث في قرضه عوضاً.

واعلم: أَنَّ هذا الإِقراض إِذَا قلنا: المرادُ به الإِنفاقُ في سبيل الله، فهو يخالف القرضَ من وجوهٍ:

الأول: أَنَّ القرض إِنَّما يأخذه من يحتاج ُ إليه لفقره، وذلك في حقّ اللهِ تعالى مُحالٌ.

الثاني: أَنَّ البدل في القرضِ المعتاد لا يكون إِلاّ المثل، وفي هذا الإنفاق هو الضِّعفُ.

الثالث: أَنَّ المالَ الذي يأخُذُه المستقرضُ، لا يكون ملكاً له، وها هنا المالُ المأخُوذ ملك له، ومع هذه الفُروق سمَّاه الله تعالى قرضاً، والحكمةُ فيه التَّنبيهُ على أَنَّ ذلك لا يضيعُ عند اللهِ كما أَنَّ القرض يجبُ أداؤه، ولا يجوزُ الإخلالُ به، فكذا الثَّوَابُ الواجبُ على هذا الإنفاقِ واصلٌ إلى المكلف لا محالة.

فصل

قال القرطبيُّ: القرضُ: قد يكون بالمالِ، وقد بَيَّنَّا حُكْمَهُ، كما قال عليه الصّلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>