ليس في أبينة العرب ما هو على هذه الصِّيغة، وهذا كما قالوا في حمدون، وسراويل، ويعقوب، وإسحاق عند من جعلهما من سحق وعقب وقد تقدم.
وأجاب آخرون: بأنه اسمٌ عبراني وافق عربيّاً مثل حطة وحنطة، وعلى هذا يكون أحد سببيه العجمة؛ لكونه عبرانياً.
قوله:{أنى يَكُونُ لَهُ الملك عَلَيْنَا} في «أَنَّى» وجهان:
أحدهما: أنَّها بمعنى كيف، وهذا هو الصَّحيح.
والثاني: أنها بمعنى من أين، اختاره أبو البقاء، وليس المعنى عليه. ومحلُّها النّصب على الحال، وسيأتي الكلام في عاملها ما هو. و «يَكُونُ» فيها وجهان:
أحدهما: أنها تامَّةٌ، و «المُلْكُ» فاعلٌ بها و «له» متعلّقٌ [بها، و «عَلَيْنَا» متعلقٌ] بالملك، تقول:«فلان مَلَك على بني فلان أمرهم» ، فتتعدى هذه المادة ب «على» ، ويجوز أن تتعلَّق بمحذوفٍ على أنه حالٌ من «المُلْك» ، و «يَكُونُ» هي العاملة في «أنَّى» ، ولا يجوز أن يعمل فيها أحد الظَّرفين، أعني «له» ، و «علينا» ؛ لأنه عاملٌ معنوي والعامل المعنويُّ لا تتقدَّم عليه الحال على المشهور.
والثاني: أنها ناقصةٌ، و «له» الخبر، و «علينا» متعلِّقٌ: إمَّا بما تعلَّق به هذا الخبر، أو بمحذوفٍ على أنه حالٌ من «المُلك» كما تقدَّم، والعامل في هذه الحال «يكون» عند من يجيز في «كَانَ» الناقصة أن تعمل في الظرف وشبهه، وإمَّا بنفس الملك كما تقدَّم تقريره، والعامل في «أنَّى» ما تعلَّق به الخبر أيضاً، ويجوز أن يكون «عَلَيْنَا» هو الخبر، و «لَهُ» نصبٌ على الحال، والعامل فيه الاستقرار المتعلِّق به الخبر، كما تقدَّم تقريره، أو «يَكُونُ» عند من يجيز ذلك في الناقصة، ولم أر من جوَّز أن تكون «أنى» في محلِّ نصب خبراً ل «يَكُونُ» بمعنى «كَيْفَ يَكُونُ المُلْكُ عَلَيْنَا لَهُ» ولو قيل به لم يمتنع معنًى ولا صناعةً.
قوله:{وَنَحْنُ أَحَقُّ} : جملةٌ حاليَّةٌ، و «بالمُلْكُ» و «مِنْهُ» كلاهما متعلّقٌ ب «أَحَقُّ» . «ولم يُؤْتَ سَعَةً» هذه الجملة الفعلية عطفٌ على الاسميَّة قبلها، فهي في محلِّ نصب على الحال، ودخلت الواو على المضارع؛ لكونه منفياً و «سعةً» مفعول ثانٍ ليؤت، والأول قام مقام الفاعل.
و «سَعَةً» وزنها «عَلَة» بحذف الفاء، وأصلها «وُسْعَة» ، وإنما حذفت الفاء في المصدر حملاً له على المضارع، وإنما حذفت في المضارع لوقوعها بين ياء - وهي حرف المضارعة - وكسرة مقدَّرة، وذلك أنَّ «وَسِع» مثل «وَثِق» فحقٌّ مضارع أن يجيء على