وعن ابن عبَّاس: هي طستٌ من ذهب من الجنَّة؛ كان يغسل فيها قلوب الأنبياء.
وقال أبو مسلم: كان في التَّابوت بشارات من كتب الله المنزَّلة على موسى وهارون - عليهما الصَّلاة والسَّلام - ومن بعدهما من الأنبياء عليهم الصَّلاة والسَّلام بأن الله تعالى ينصر طالوت، وجنوده، ويزيد خوف العدوّ عنهم.
وعن وهب بن منبّه قال: هي روحٌ من الله تتكلَّم إذا اختلفوا إلى شيءٍ من أمورهم تخبرهم ببيان ما يريدون. وقال أبو بكر الأصمٌّ: معنى السَّكينة؛ أي: تسكنون عند مجيئه وتقرون له بالملك، وتزول نفرتكم عنه؛ لأنه متى جاءهم التَّابوت من السَّماء، وشاهدوا تلك الحالة، فلا بد وأن تسكن قلوبهم إليه وتزول نفرتهم.
وقال قتادة، والكلبيُّ: السَّكينة فعيلة من السّكون، أي: طمأنينة من ربكم، ففي أي مكان كان التَّابوت اطمأنوا إليه وسكنوا.
قوله:{وَبَقِيَّةٌ} وزنها فعيلة والأصل: بَقِيْبَة بياءين، الأولى زائدة، والثانية لام الكلمة، ثم أُدغم، ولا يستدلُّ على أنَّ لام «بَقِيَّة» ياء بقولهم: «بَقِيَ» في الماضي، لأنَّ الواو إذا انكسر ما قبلها قلبت ياء، ألا ترى أنَّ «رَضِي» و «شَقِيَ» أصلهما من الواو: الشِّقْوَة والرِّضوان.
و «مِمَّا تَرَكَ» في محلِّ رفعٍ؛ لأنه صفةٌ ل «بَقِيَّة» فيتعلَّق بمحذوفٍ، أي: بقيةٌ كائنةٌ. و «مِنْ» للتَّبعيض، أي: من بقيَّات ربِّكم، و «مَا» موصولةٌ اسميَّةٌ، ولا تكون نكرةً ولا مصدريةً.
و «آل» تقدم الكلام فيه، وقي: هو هنا زائدٌ؛ كقوله:[الطويل]
قال الزَّمخشريُّ: وَيَجُوزُ أن يريد: ممَّا تَرَكَ موسى وهارون، والآلُ مقحمٌ لتفخيم شأنهما، أي زائدٌ للتعظيم، واستشكل أبو حيان كيفيَّة إفادة التَّفخيم بزيادة الآل. و «هَارُون» أعجميٌّ. قيل: لم يرد في شيءٍ من لغة العرب، قاله الراغب، أي: لم ترد مادته في لغتهم.
فصل في المقصود بالبقية
اختلفوا في البقية، فقيل:{مِّمَّا تَرَكَ آلُ موسى وَآلُ هَارُونَ} من الدِّين، والشَّريعة،