فقال له صاحبه: ما أعرف لك عندي من وديعة، فإن كنت صادقاً فتناول السلسلة، فقام صاحب الجوهرة، فتناولها بيده. فقيل للمنكر قم أنت، فتناولها.
فقال لصاحب الجوهرة: خذ عكَّازي هذا، فاحفظها حتى أتناول السِّلسلة، فأخذها فقال الرجل:«اللَّهم إِن كنت تَعْلم أنَّ هذه الوديعة التي يدّعيها، قد وصلت إليه فقرب مني السّلسلة، فمد يده فتناولها، فتعجب القوم، وشكُّوا فيها، فأصبحوا وقد رفع الله السِّلسلة.
قوله {مِمَّا يَشَآءُ} : فاعلٌ،» يشاء «ضمير الله تعالى.
قالوا وفعال كثيراً يجيء مصدراً للثلاثي من فَعَلَ وفَعِلَ، تقول: جمح جماحاً وطمح طماحاً وتقول لقيته لقاءً، وقمت قياماً، وأن يكون مصدر لدفع تقول: دفعته، دفعاً، ودفاعاً نحو: قتل قتلاً وقتالاً.
و» فاعل «هنا بمعنى فَعَلَ المجرد، فتتَّحد القراءتان في المعنى ويحتمل أن يكون من المفاعلة، والمعنى أنه سبحانه إنَّما يكفّ الظَّلمة، والعصاة عن ظلم المؤمنين على أيدي أنبيائه، ورسله، وأئمة دينه، وكان يقع بين أولئك المحقين، وأولئك المبطلين مدافعات ومكافحات، فحسن الإخبار عنه بلفظ المدافعة كقوله تعالى:{يُحَارِبُونَ الله}[المائدة: ٣٣] و {شَآقُّواْ الله}[الأنفال: ١٣] ونظائره كثيرة.
ومن قرأ» دِفَاع «، وقرأ في الحجّ {يُدَافِعُ عَنِ الذين آمنوا}[الحج: ٣٨] أو قرأ» دَفْع «، وقرأ» يَدْفَع «- وهما أبو عمرو وابن كثير - فقد وافق أصله، فجاء بالمصدر على وفق الفعل، وأمَّا من قرأ هنا:» دَفْع «، وفي الحجّ» يُدافِع «، وهم الباقون، فقد جمع بين اللُّغتين، فاستعمل الفعل من الرُّباعي والمصدر من الثلاثي.
والمصدر هنا مضافٌ لفاعله وهو الله تعالى، و «النَّاس» مفعول أول، و «بعضهم» بدلٌُ من «الناسِ» بدل بعضٍ من كلٍّ.