البيت المتقدِّم، وقال تعالى:{إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الأرض}
[القصص: ٤] .
قال ابن الخطيب: لو كان علوُّه بالمكان لكان متناهياً؛ فإنَّ الجزء المفروض فوقه، أعلى منه، فلا يكون عليّاً مطلقاً، وإن كان غير متناه، وقد دلَّت البراهين اليقينيَّة على استحالة بعدٍ غير متناهٍ.
وأيضاً فلو فرضنا في ذلك نقطاً غير متناهية، فإن لم يحصل فوق تلك النّقط نقطة، أخرى، وكانت تلك النُّقطة طرفاً، لذلك البعد، فيكون متناهياً، وإن لم يوجد في ذلك البعد سفلاً فلا يكون فيها ما هو فوق على الإطلاق، وذلك ينفي حصول العلوّ المطلق، ولأنَّ العالم كرة، فكل علوّ بالنسبة إلى أحد وجهي الأرض هو سفل بالنسبة للوجه الثاني، فينقلب العلوُّ سفلاً، ولأن لو كان علُّوه بالمكان، لكان حصول العلوّ للمكان بالذَّات، والله تعالى بالعرض، وما بالذات أشرف منها بالعرض، فيكون علوُّ المكان أشرف من علوِّه سبحانه، وذلك باطلٌ.
و {العظيم} تقدَّم معناه، وقيل: هو هنا بمعنى المعظَّم؛ كما قالوا:«عَتِيقٌ» بمعنى: مُعَتَّق؛ قال القائل:[الخفيف]
قيل: وَأُنكر ذلك لانتفاء هذا الوصف. وقيل في الجواب عنه: إنَّه صفة فعلٍ، كالخلق، والرِّزق، والأوَّل أصحُّ.
قال الزَّمخشريُّ:«فإنْ قلت: كَيْفَ تَرَتَّبَتِ الجُملُ في آية الكرسيّ من غير حَرْفِ عطفٍ؟ قلت: ما منها جملةٌ إلَاّ وهي واردةٌ على البيان لما ترتَّبت عليه، والبيان متَّحدٌ بالمبيَّن، فلو توسَّط بينهما عاطفٌ لكان كما تقول العرب:» بَيْنَ العَصَا وَلِحَائِهَا «فالأولى بيانٌ لقيامه بتدبير الخلق وكونه مهيمناً عليه غير ساهٍ عنه، والثانية لكونه مالكاً لما يدبِّره، والثالثة لكبرياء شأنه، والرابعة لإحاطته بأحوال الخلق وعلمه بالمرتضى منهم، المستوجب للشَّفاعة وغير المرتضى، والخامسة لسعة علمه، وتعلُّقه بالمعلومات كلِّها، أو لجلاله وعظم قدرته» انتهى. يعني غالب الجمل وإلَاّ فبعض الجمل فيها معطوفة وهي قوله:{وَلَا يُحِيطُونَ} ، وقوله:{وَلَا يَؤُودُهُ} وقوله {وَهُوَ العلي العظيم} .