للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والصحيح أنه فيه لغتان، إحداهما: لغةُ تميم، وهي إثباتُ ألفه وصلاً ووقفاً، وعليها تُحْمَلُ قراءةُ نافع فإِنَّه قرأ بثبوت الألف وصلاً قبل همزةٍ مضمومة نحو: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} ، أو مفتوحةٍ نحو: {وَأَنَاْ أَوَّلُ} [الأعراف: ١٤٣] ، واختلف عنه في المكسروة نحو: {إِنْ أَنَا إِلَاّ نَذِيرٌ} [الشعراء: ١١٥] ، وقرأ ابن عامرٍ: {لَّكِنَّا هُوَ الله رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً} [الكهف: ٣٨] على ما سيأتي إن شاء الله تعالى وهذا أحسنُ من توجيه مَنْ يَقُولُ «أُجْري الوصلُ مجرى الوَقْفِ» . واللُّغة الثانية: إثباتُها وَقْفاً وحَذفُها وَصْلاً، ولا يجوزُ إثباتُها وصلاً إِلَاّ ضرورةً كالبيتين المتقدِّمين. وقيل: بل «أَنَا» كلُّه ضمير.

وفيه لغاتٌ: «أَنا وأَنْ» - كلفظ أَنِ النَّاصبةِ - و «آن» ؛ وكأنه قَدَّم الألف على النون، فصار «أانَ» ، قيل: إنَّ المراد به الزَّمان، وقالوا: أَنَهْ، وهي هاءُ السَّكْتِ، لا بدلٌ من الألف؛ قال: «هكذا فَرْدِي أَنَهْ» ؛ وقال آخر: [الرجز]

١١٩١ - إِنْ كُنْتُ أَدْرِي فَعَلَيَّ بَدَنَهْ ... مِنْ كَثْرَةِ التَّخْلِيطِ أَنِّي مَنْ أَنَهْ

وإنما أثبت نافعٌ ألفَه قبل الهمز جمعاً بين اللُّغتين، أو لأَنَّ النُّطقَ بالهمزِ عسرٌ فاستراح له بالألف لأنها حرفُ مدٍّ.

فصل

قال أكثرُ المفسِّرين: لما احتج إبراهيم - عليه الصَّلاة والسَّلام - على إثبات الإله بالإحياء، والإماتة؛ دعا النُّمروذ برجلين، فقتل أحدهما، واستبقى الآخر، وقال: أَنَا أيضاً أحيي وأُميت، فجعل تَرْكَ القتلِ إِحياءً.

قال ابن الخطيب: وعندي أَنَّه بعيد؛ لأَنَّ الظَّاهر من حال إبراهيم - عليه الصَّلاة والسَّلام - أنه شرح حقيقة الإحياء وحقيقة الإماتة ومتى شرحه امتنع أَن يشتبه على العاقل الإِماتة والإحياء على ذلك الوجه بالإماتة والإحياء بمعنى القتل وتركه ويبعد في الجمع العظيم أَنْ يكونُوا في الحماقة بحيث لا يعرفون هذا القدر من الفرق، والمرادُ من الآية - واللهُ أعْلَمُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>