والبَهْتُ: التحيُّر، والدَّهش، وبَاهَتَهُ وَبَهَتَهُ واجهه بالكذب، ومنه الحديث:» إنَّ اليَهُودَ قَوْمٌ بُهُتٌ «، وذلك أن الكذب يحيِّر المكذوب عليه.
ومعنى الآية: أنَّه: بقي مغلوباً لا يجد مقالاً، ولا للمسألة جواباً.
قوله:{والله لَا يَهْدِي القوم الظالمين} . وتأويله على قول أهل السُّنة ظاهر، وأما المعتزلة، فقال القاضي: يحتمل وجوهاً:
منها: أنه لا يهديهم؛ لظلمهم وكفرهم للحجاج وللحق، كما يهدي المؤمن، فإنه لا بد في الكافر من أن يعجز وينقطع.
ومنها: لا يهديهم بزيادة الهدى والألطاف.
ومنها: لا يهديهم إلى الثواب أو لا يهديهم إلى الجنَّة.
والجواب عن الأول: أنَّ قوله:» لَا يَهْدِيهِمْ «إلى الحجاج إنما يصحُّ إذا كان الحجاج موجوداً؛ إذ لا حجاج على الكفر.
وعن الثاني: أن تلك الزيادة، إذا كانت ممتنعةً في حقِّهم عقلاً، لم يصحَّ أن يقال: إنه تبارك وتعالى لا يهديهم كما لا يقال إنه تبارك وتعالى لا يجمع بين الضِّدَّين، فلا يجمع بين الوجود والعدم.
وعن الثالث: أنه لم يهدهم للثواب ولم يجز للجنة ذكر فيبعد صرف اللَّفظ إليهما، بل اللائق بسياق الآية الكريمة أن يقال: إنه تعالى لما أخبر أن الدليل، لمَّا بلغ في الظهور والحجَّة إلى حيث صار المبطل كالمبهوت عن سماعه، إلَاّ أن الله تعالى لم يقدِّر له الاهتداء، لم ينفعه ذلك الدليل الظَّاهر، ونظير هذا التفسير قوله تعالى:{وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَآ إِلَيْهِمُ الملاائكة وَكَلَّمَهُمُ الموتى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ ليؤمنوا إِلَاّ أَن يَشَآءَ الله}[الأنعام: ١١١] .