للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ آخر: [الْخَفِيف]

(٥ - إيما شاطن عَصَاهُ عكاه ... ثمَّ يلقى فِي السجْن والأكبال)

وَحكى سِيبَوَيْهٍ - رَحمَه الله -: " تشيطن " أَي: فعل فِعل الشَّيَاطِين؛ فَهَذَا كُله يدل على أَنه من " شطن "؛ لثُبُوت النُّون، وَسُقُوط الْألف فِي تصاريف الْكَلِمَة، ووزنه على هَذَا: " فيعال ".

وَقيل: هُوَ مُشْتَقّ من " شاط - يشيط " أَي: هاج، وَاحْتَرَقَ، وَلَا شكّ أَن هَذَا الْمَعْنى مَوْجُود فِيهِ، فَأخذُوا بذلك أَنه مُشْتَقّ من هَذِه الْمَادَّة، لَكِن لم يسمع فِي تصاريفه إِلَّا ثَابت النُّون، مَحْذُوف الْألف؛ كَمَا تقدم، ووزنه على هَذَا " فعلان " وَيَتَرَتَّب على الْقَوْلَيْنِ: صرفه وَعدم صرفه، إِذا سمي بِهِ، وَأما إِذا لم يسم بِهِ، فَإِنَّهُ متصرف أَلْبَتَّة؛ لِأَن من شَرط امْتنَاع " فعلان " الصّفة أَلا يؤنث بِالتَّاءِ، وَهَذَا يؤنث بهَا؛ قَالُوا: " شَيْطَانَة ".

قَالَ ابْن الْخَطِيب: و " الشَّيْطَان " مُبَالغَة فِي الشيطنة؛ كَمَا أَن " الرَّحْمَن " مُبَالغَة فِي الرَّحْمَة. و " الرَّجِيم " فِي حق الشَّيْطَان " فعيل " بِمَعْنى " فَاعل ".

إِذا عرفت هَذَا، فَهَذِهِ الْكَلِمَة تَقْتَضِي الْفِرَار من الشَّيْطَان الرَّجِيم إِلَى الرَّحْمَن الرَّحِيم.

قَوْله: " الرَّجِيم " نعت لَهُ على الذَّم، وَفَائِدَة النَّعْت: إِمَّا إِزَالَة اشْتِرَاك عَارض فِي معرفَة؛ نَحْو: " رَأَيْت زيدا الْعَاقِل ".

وَإِمَّا تَخْصِيص نكرَة؛ نَحْو: " رَأَيْت رجلا تَاجِرًا " وَإِمَّا لمُجَرّد مدح، أَو ذمّ، أَو ترحم؛ نَحْو: " مَرَرْت بزيد الْمِسْكِين " وَقد يَأْتِي لمُجَرّد التوكيد؛ نَحْو قَوْله: {نفخة وَاحِدَة} [الحاقة: ٣١] وَلَا بُد من ذكر قَاعِدَة فِي النَّعْت، تعم فائدتها:

اعْلَم أَن النَّعْت إِن كَانَ مشتقا بِقِيَاس، وَكَانَ مَعْنَاهُ لمتبوعه، لزم أَن يُوَافقهُ فِي أَرْبَعَة من عشرَة؛ أَعنِي فِي وَاحِد من ألقاب الْإِعْرَاب: الرّفْع، وَالنّصب، والجر، وَفِي وَاحِد من: الْإِفْرَاد، والتثنية، وَالْجمع، وَفِي وَاحِد من: التَّذْكِير، والتأنيث، وَفِي وَاحِد من: التَّعْرِيف، والتنكير.

<<  <  ج: ص:  >  >>