للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وفي قوله: «كَالَّذِي» أربعة أوجهٍ:

أحدها: أنه عطفٌ على المعنى وهو قولٌ عند الكسائي والفرَّاء وأبي علي الفارسيِّ وأكثر النحويّين، قالوا: ونظيره من القرآن قوله تعالى: {قُل لِّمَنِ الأرض وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [المؤمنون: ٨٤ - ٨٥] ثم قال: {مَن رَّبُّ السماوات السبع وَرَبُّ العرش العظيم سَيَقُولُونَ لِلَّهِ} [المؤمنون: ٨٦ - ٨٧] . فهذا عطف على المعنى؛ لأنَّ معناه: لمن السَّموات؟! فقيل لله؛ وقال الشَّاعر: [الوافر]

١١٩٣ - مُعَاوِيَ، إِنَّنَا بَشَرٌ فَأَسْجِحْ ... فَلَسْنَا بِالجِبَالِ وَلَا الحَدِيدَا

فحمل على المعنى، وترك اللفظ، وتقدير الآية:

هل رأيت كالذي حاجَّ إبراهيم، أو كالذي مرَّ على قريةٍ، هكذا قال مكيٌّ، أمَّا العطف على المعنى، فهو وإن كان موجوداً في لسانهم؛ كقوله: [الطويل]

١١٩٤ - تَقِيٌّ نَقِيٌّ لَمْ يُكَثِّرْ غَنِيمَةٌ ... بِنَهْكَةِ ذِي قُرْبَى وَلَا بِحَقَلَّدِ

وقول الأخر في هذين البيتين: [الوافر]

١١٩٥ - أَجِدَّكَ لَنْ تَرَى بِثُعَيْلِبَاتٍ ... وَلَا بَيْدَانَ نَاجِيَةً ذَمُولَا

وَلَا مُتَدَارِكٍ وَاللَّيْلُ طَفْلٌ ... بِبَعْضِ نَوَاشِغِ الوَادِي حُمُولَا

فإنَّ معنى الأول: ليس بمكثِّر، ولذلك عطف عليه «وَلَا بِحَقَلَّد» ، ومعنى الثاني: أجِدَّك لست بِرَاءٍ، ولذلك عطف عليه «وَلَا مُتَدَارِكٍ» ، إلا أنهم نصُّوا على عدم اقتياسه.

الثاني: أنه منصوبٌ على إضمار فعل، وإليه نحا الزمخشريُّ، وأبو البقاء، قال الزمخشريُّ: «أو كالَّذِي: معناه أوَ رَأَيْتَ مَثَلَ الَّذِي» ، فحذف لدلالة «أَلَمْ تَرَ» عليه؛ لأنَّ كلتيهما كلمتا تعجُّبٍ، وهو حسنٌ؛ لأنَّ الحذف ثابتٌ كثيرٌ، بخلاف العطف على المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>