للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأَمَّا قراءةُ الزَّاي فمن «النَّشْزِ» وهو الارتفاعُ، ومنه: «نَشْزُ الأَرْضِ» وهو المرتفع، ونشوزُ المرأةِ، وهو ارتفاعها عن حالها إلى حالةٍ أُخرى، فالمعنى: يُحرِّك العِظام، ويرفعُ بعضها إلى بعضٍ للإِحياء.

قال ابن عطية: «وَيَقْلَقُ عندي أَنْ يكونَ النشوزُ رفعَ العِظَامِ بعضها إلى بعضٍ، وإنما النشوزث الارتفاعُ قليلاً قليلاً» ، قال: «وانظر استعمال العربِ، تَجده كذلك؛ ومنه:» نَشَزَ نَابُ البَعِير «و» أَنْشَزُوا، فَأَنْشَزوا «، فالمعنى هنا على التدرُّج في الفعلِ» فجعل ابنُ عطية النشوزَ ارتفاعاً خاصّاً.

ومَنْ ضَمَّ النونَ جعلهُ مِنْ «أَنْشَزَ» ، ومَنْ فَتَحها، فَمِنْ «نَشَزَ» ، يقال: «نَشَزه» و «أَنْشَزَه» بمعنى. ومَنْ قرأَ بالياءِ، فالضميرُ لله تعالى. وقرأ أُبيّ «نُنْشِئُها» من النَّشْأَةِ. ورجَّح بعضهم قراءة الزاي على الراء، بِأَنْ قال: العِظامُ لا تُحْيَا على الانفرادِ؛ بل بانضمام بعضِها إلى بعضٍ، والزايُ أَوْلى بهذا المعنى؛ إذ هو بمعنى الانضمام دونَ الإِحياءِ، فالموصُوفُ بالإِحياءِ الرجلُ دونَ العظامِ، ولا يقال: هذا عظمٌ حيٌّ. وهذا ليس بشيءٍ؛ لقوله: {مَن يُحيِي العظام وَهِيَ رَمِيمٌ} [يس: ٧٨] .

ولا بُدَّ من ضميرِ محذوفٍ من قوله: «العِظام» أي؛ العظامِ منه، أي: من الحمارِ، أو تكونُ «أَلْ» قائمةً مقامَ الإِضافة، أي: عظامِ حمارِك.

قوله: «لَحْماً» مفعولٌ ثانٍ لِ «نَكْسُوها» وهو من باب أَعْطَى، وهذا من الاستعارة، ومثله قول لبيدٍ: [البسيط]

١٢٠٦ - الحَمْدُ لِلَّهِ إِذْ لَمْ يَأْتِيني أَجَلِي ... حَتَّى اكْتَسَيْتُ مِنَ الإِسْلَامِ سِرْبَالا

قوله: «فَلَمَّا تَبَيَّنَ» في فاعل «تَبيَّن» قولان:

أحدهما: مُضمرٌ يُفَسِّره سياقُ الكلامِ، تقديرُهُ: فلمَّا تبيَّن له كيفيةُ الإِحياءِ التي استقر بها، وقدَّره الزمخشريُّ: «فلمَّا تبيَّن له ما أَشْكَل عليه» يعني مِنْ أَمْرِ إِحياءِ الموتى، والأَوَّلُ أَوْلَى؛ لأنَّ قوةَ الكلامِ تدِلُّ عليه بخلافِ الثاني.

والثاني: - وبه بدأ الزمخشري -: أن تكون المسألةُ من بابِ الإِعمالِ، يعني أن «تَبَيَّن» يطلُبُ فاعلاً، و «أَعْلَمُ» يطلبُ مفعولاً، و «أَنَّ اللهَ على كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ» يصلُح أَنْ يكونَ فاعلاً لتبيَّن، ومفعولاً لأعلَمُ، فصارَتِ المسألةُ من التنازع، وهذا نصُّه، قال: وفَاعِلُ «تبيَّن» مضمرٌ تقديره: فلمَّا تبيَّن له أَنَّ الله على كل شيءٍ قدير قال: أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ

<<  <  ج: ص:  >  >>