قال المبرد: وهذا لا يصحُّ؛ لأنَّ كلَّ واحد من اللفظين أصل بنفسه فرع على الآخر.
واختلف في هذه اللفظة: هل هي عربيةٌ، أو معرَّبة؟ فعن ابن عباس: أنها معرَّبة من النَّبطية، وعن أبي الأسود، أنَّها من السُّريانية، والجمهور على أنها عربيةٌ، لا معرَّبةٌ.
و «إِلَيْكَ» إن قلنا: إِنَّ «صُرْهُنَّ» بمعنى أملهنَّ: تعلَّق به، وإن قلنا: إنه بمعنى: قطِّعهنَّ، تعلَّق ب «خُذْ» .
ولمَّا فسَّر أبو البقاء «فَصُرْهُنَّ» بمعنى: أَمْلْهُنَّ «قدَّر محذوفاً بعده تقديره: فأملهنَّ إليك، ثم قطِّعهنَّ، ولمَّا فسَّره بقطِّعهن - كما تقدم - قدَّر محذوفاً يتعلَّق به» إِلَى «تقديره: قطِّعهنَّ بعد أن تميلهنَّ إليك. ثم قال:» والأجودُ عندي أن يكون «إليك» حالاً من المفعول المضمر تقديره: فقطِّعهنَّ مقرَّبةً إليك، أو ممالةً، أو نحو ذلك «.
وقرأ ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -:» فَصُرْهُنَّ «بتشديد الراء، مع ضم الصاد وكسرها، مِنْ: صرَّه يَصُرّه، إذا جمعه؛ إلَاّ أنَّ مجيء المضعَّف المتعدِّي على يفعل - بكسر العين في المضارع - قليلٌ.
ونقل أبو البقاء رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى عمَّن شدَّد الراء: أنَّ منهم من يضمُّها، ومنهم من يفتحها، ومنهم من يكسرها، مثل:» مُدَّهُنَّ «فالضمُّ على الإتباع، والفتح للتخفيف، والكسر على أصل التقاء الساكنين.
قال القرطبي: قرئ» صَرِّهِنَّ «بفتح الصاد، وتشديد الراء مكسورة؛ حكاها المهدوي وغيره عن عكرمة؛ بمعنى فاحبسهنَّ، من قولهم:» صرَّى يُصَرِّي «: إذا حبس، ومنه الشاة المصرَّاة، قال القرطبي: وها هنا اعتراضٌ ذكره الماوردي، وهو أن يقال: كيف أجيب إبراهيم إلى آيات الآخرة دون موسى - عليه السلام - في قوله:{رَبِّ أرني أَنظُرْ إِلَيْكَ}[الأعراف: ١٤٣] ؟