وسبب مغفرة، لأنَّ المغفرة من الله تعالى، فلا تفاضل بينهما، وبين فعل العبد، ويجوز أن تكون المغفرة: مجاوزة المتصدّق، واحتماله للفقير، فلا يكون فيه حذف مضافٍ» .
الثاني: أنَّ {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} مبتدأٌ وخبره محذوفٌ، أي: أمثل، أو أولى بكم، و «مَغْفِرَةٌ» مبتدأق، و «خَيْرٌ» خبرها، فهما جملتان، ذكره المهدوي وغيره. قال ابن عطيَّة:«وهذا ذهابٌ برونق المعنى» .
والثالث: أنَّه خبر مبتدأ محذوفٍ تقديره: المأمور به قولٌ معروفٌ.
وقوله:{يَتْبَعُهَآ أَذًى} في محلِّ جرِّ صفةً لصدقةٍ، فإن قيل لم يعد ذكر المنِّ فيقول: يتبعها منٌّ، وأذى. فالجواب؛ لأنَّ الأذى يشمل المنَّ، وغيره، وإنَّما نصَّ عليه في قوله:{لَا يُتْبِعُونَ مَآ أَنْفَقُواُ مَنّاً وَلَا أَذًى}[البقرة: ٢٦٢] لكثرة وقوعه من المتصدِّقين، وعسر تحفُّظهم منه، ولذلك قدِّم على الأذى.
فصل
القول المعروف: هو القول الذي تقبله القلوب، والمراد منه هنا: ردُّ السَّائل بطريقٍ حسنٍ.
وقال عطاءٌ: عِدَةٌ حسنة.
وقال القرطبيُّ: وروي من حديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه - قال: قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «إِذَا سأَلَ السَّائِلُ فَلَا تَقْطَعُوا عَلَيْهِ مَسْأَلَتَهُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنْهَا، ثُمَّ رُدّوا عليه بِوَقَارٍ، وَلِينٍ، أو ببذل يَسِيرٍ، أوْ رَدٍّ جميلٍ، فقد يأْتِيكُم مَنْ لَيْسَ بإِنْسٍ ولا جَانّ يَنْظُرُونَ صَنِيعَكُم فيما خَوَّلَكُمُ اللهُ تعالى» .
وأمَّا المغفرة فقيل: هي العفو عن بذاءة الفقير، والصَّفح عن إساءته فإنه إذا ردَّ بغير مقصوده؛ شقَّ عليه ذلك، فربَّما حمله ذلك على بذاءة اللِّسان.
وقيل المراد ونيل مغفرةٍ من الله بسبب الردّ الجميل.
وقال الضَّحَّاك: نزلت في إصلاح ذات البين.
وقيل المراد: أن يستر حاجة الفقير، فلا يهتك ستره، ولا يذكر حاله عند من يكره الفقير وقوفه على حاله.
وقيل: إن قوله {قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ} خطابٌ مع المسؤول بأن يردّ السَّائل بأحسن الطُّرق.