وقال بعضهم: الصَّفوان: هو الحجر الأملس، وهو واحدٌ وجمعٌ.
و {عَلَيْهِ تُرَابٌ} : يجوز أن يكون جملةً من مبتدأ، وخبرٍ، وقعت صفةً لصفوان، ويجوز أن يكون «عَلَيْه» وحده صفةً له، و «تُرَابٌ» فاعلٌ به، وهو أولى لما تقدَّم عند قوله {فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ} [البقرة: ٢٦١] . والتُّراب معروفٌ وهو اسم جنسٍ، لا يثنَّى، ولا يجمع.
وقال المبرِّد: وهو جمع واحدته «ترابة» . وذكر النَّحَّاس له خمسة عشر اسماً: ترابٌ وتَوْرَبٌ، وتَوْرَابٌ، وتَيْرَابٌ وإِثْلَب وأَثْلَب وَكَثْكَثٌ وَكِثْكِثٌ ودَقْعَمٌ وَدَقْعَاءُ ورَغام بفتح الراء، ومنه: أرغم الله أنفه أي: ألصقه بالرَّغام وبَرى، وقرى بالفتح مقصوراً [كالعصا وكملح وعثير] وزاد غيره تربة وصعيد.
ويقال: ترب الرَّجل: افتقر. ومنه: {أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: ١٦] كأنَّ جلده لصق به لفقره، وأترب، أي: استغنى، كأنَّ الهمزة للسَّلب، أو صار ماله كالتُّراب.
قوله: {فَأَصَابَهُ} عطفٌ على الفعل الذي تعلَّق به قوله: «عَلَيْهِ» ، أي: استقرَّ عليه ترابٌ، فأصابه. والضَّمير يعود على الصَّفوان، وقيل: على التُّراب. وأمَّا الضَّمير في «فَتَرَكَهُ» فعلى الصفوان فقط. وألف «أصَابَه» من واوٍ؛ لأنه من صاب يصوب.
والوابل: المطر الشَّديد، وبلت السَّماء تبل، والأرض موبولة، ويقال أيضاً: أوبل، فهو موبل، فيكون ممَّا اتفق فيه فعل، وأفعل، وهو من الصِّفات الغالبة كالأبطح، فلا يحتاج معه إلى ذكر موصوفٍ. قال النَّضر بن شيملٍ:
أولُ ما يَكُونُ المَطَرُ رَشاً، ثم طشاً، ثم طَلاًّ، ورَذاذاً، ثم نضحاً، وهو قطرٌ بين قطرين، ثم هطلاً وتهتاناً، ثم وابلاً وجوداً. والوبيل: الوخيم، والوبيلة: حزمة الحطب، ومنه قيل للغليظة: وبيلةٌ على التَّشبيه بالحزمة.
قوله: {فَتَرَكَهُ صَلْداً} كقوله تعالى: {وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ} [البقرة: ١٧] . والصَّلد: الأجرد الأملس، ومنه: «صَلَدَ جبينُ الأصْلَعِ» : أي برق، والصَّلد أيضاً صفة، يقال: صلد بكسر اللام يصلد بفتحها، فهو صلد. قال النَّقَّاش: «الصَّلْدُ بلغة هُذَيل» . وقال أبان بن تغلب: «الصَّلْد: اللَّيِّن من الحجارة» وقال علي بن عيسى: «هو من الحجارة ما لا خير فيه، وكذلك من الأرضين وغيرها، ومنه:» قِدْرٌ صَلُود «أي: بطيئة الغَلَيان» ، وصلد الزّند: إذا لم يورد ناراً.
قوله: {لَاّ يَقْدِرُونَ} في هذه الجملة قولان:
أحدهما: أنها استئنافية فلا موضع لها من الإعراب.
والثاني: أنها في محلِّ نصب على الحال من «الَّذِي» في قوله: {كالذي يُنْفِقُ مَالَهُ} ،