للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والثاني: أنه حال، و" تثبيتا " عطف عليه بالاعتبارين، أي: لأجل الابتغاء والتثبيت، أو مبتغين متثبتين. ومنع ابن عطية أن يكون " ابتغاء " مفعولا من أجله، قال: لأنه عطف عليه تثبيتا، وتثبيتا لا يصح أن يكون مفعولا من أجله، [لأن الإنفاق لا يكون لأجل التثبيت ". وحكى عن مكي كونه مفعولا من أجله] قال: " وهو مردود بما بيناه ".

وهذا الذي رده لا بد فيه من تفصيل، وذلك أن قوله تبارك وتعالى: " وتثبيتا " إما أن يجعل مصدرا متعديا، أو قاصرا، فإن كان قاصرا، أو متعديا، وقدرنا المفعول هكذا: " وتثبيتا من أنفسهم الثواب على تلك النفقة "، فيكون تثبيت الثواب وتحصيله من الله حاملا لهم على النفقة، وحينئذ يصح أن يكون " تثبيتا " مفعولا من أجله.

وإن قدرنا المفول غير ذلك، أي: وتثبيتا من أنفسهم أعمالهم بإخلاص النية، أو جعلنا " من أنفسهم هو المفعول في المعنى، وأن " من " بمعنى اللام، أي: لأنفسهم، كما تقول: " فعلته كسرا من شهوتي " فلا يتضح فيه أن يكون مفعولا لأجله.

وأبو البقاء قد قدر المفعول المحذوف " أعمالهم بإخلاص النية "، وجوز أيضا أن يكون " من أنفسهم " مفعولا، وأن تكون " من " بمعنى اللام، وقد كان قدم أولا أنه يجوز فيهما المفعول من أجله، والحالية؛ وهو غير واضح كما تقدم.

وتلخص أن في " من أنفسهم " قولين:

أحدهما: أنه مفعول بالتجوز في الحرف.

والثاني: أنه صفة ل " تثبيتا "، فهو متعلق بمحذوف، وتلخص أيضا أن التثبيت يجوز أن يكون متعديا، وكيف يقدر مفعوله، وأن يكون قاصرا.

فإن قيل: " تثبيت " مصدر ثبت؛ وثبت متعد، فكيف يكون مصدره لازما؟

فالجواب: أن التثبيت مصدر تثبت، فهو واقع موقع التثبت، والمصادر تنوب عن بعضها؛ قال تعالى: {وتبتل إليه تبتيلا} [المزمل: ٨] والأصل: " تبتلا " ويؤيد ذلك قراءة مجاهد " وتثبتا "، وإلى هذا نحا أبو البقاء.

قال أبو حيان: " ورد هذا القول؛ بأن ذلك لا يكون إلا مع الإفصاح بالفعل المتقدم على المصدر، نحو الآية، وأما أن يؤتى بالمصدر من غير نيابة على فعل مذكور، فلا يحمل على غير فعله الذي هو له في الأصل "، ثم قا: " والذي نقول: إن ثبت - يعني

<<  <  ج: ص:  >  >>