قوله:{لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثمرات} جملة من مبتدإٍ، وخبرٍ، فالخبر قوله:«لَهُ» و «مِنْ» كُلِّ الثَّمَراتِ «هو المبتدأُ، وذلك لا يستقيمُ على الظاهر، إذ المبتدأُ لا يكونُ جارّاً ومجروراً؛ فلا بُدَّ من تأويله. واختلف في ذلك:
فقيل: المبتدأ في الحقيقة محذوفٌ، وهذا الجارُّ والمجرورُ صفةٌ قائمةٌ مقامه، تقديره:» له فيها رِزقٌ من كلِّ الثمراتِ، أو فاكهةٌ مِنْ كلِّ الثمرات «فحُذف الموصوفُ، وبقيت صفتُه؛ ومثله قول النَّابغة:[الوافر]
أي: جملٌ من جمالِ بني أُقَيْشٍ، وقوله تعالى:{وَمَا مِنَّآ إِلَاّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ}[الصافات: ١٦٤] أي: وما مِنَّا أحدٌ إِلَاّ له مقامٌ.
وقيل:» مِنْ «زائدةٌ تقديره: له فيها كلُّ الثمرات، وذلك عند الأخفش؛ لأنه لا يَشْتَرِطُ في زيادتها شيئاً.
وأمَّا الكُوفيُّون: فيشترطون التنكير، والبصريون يَشْتَرطونه وعدم الإِيجاب، وإذا قُلنا بالزيادة، فالمرادُ بقوله:» كُلِّ الثَّمَرَاتِ «التكثيرُ لا العموم، لأنَّ العُمومَ مُتعذِّرٌ.
قال أبو البقاء: ولا يجوزُ أَنْ تكونَ» مِنْ «زائدةً، لا على قولِ سيبويه ولا قولِ الأخفشِ؛ لأنَّ المعنى يصيرُ: له فيها كُل الثمراتِ، وليسَ الأمرُ على هذا، إلَاّ أَنْ يُرادَ به هنا الكثرة لا الاستيعاب، فيجوزُ عند الأخفش؛ لأنه يُجَوِّزُ زيادةَ» مِنْ «في الواجب.
فإن قيل: كيف عطف «وأَصَابَهُ» على «أيودُّ» ؟ وكيف يجوزُ عطفُ الماضي على المستقبل؟
فالجواب: من وجوه:
أحدها: أَنَّ الواو للحالِ، والجملةُ بعدها في محلِّ نصبٍ عليها، و «قد» مقدَّرةٌ أي: وقد أصابه، وصاحبُ الحال هو «أَحَدُكُمْ» ، والعاملُ فيها «يَودُّ» ، ونظيرُها:{وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ}[البقرة: ٢٨] ، وقوله تعالى:{وَقَعَدُواْ لَوْ أَطَاعُونَا}[آل عمران: ١٦٨] أي: وقد كُنتم، وقد قَعَدوا.
والثاني: أَن يكون قد وضع الماضي موضع المضارع، والتقديرُ «ويُصيبَه الكِبَر» كقوله تعالى: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ القيامة فَأَوْرَدَهُمُ}[هود: ٩٨] أي: يوردهُم. قال