الفراء: المعنى على الشرط والجزاء؛ لأنَّ معناه: إن أغمضتم أخذتم، ولكن لمَّا وقعت «إلَاّ» على «أَنْ» ، فتحها، ومثله، {إِلَاّ أَن يَخَافَآ}[البقرة: ٢٢٩]{إَلَاّ أَن يَعْفُونَ}[البقرة: ٢٣٧] . وهذا قول مردودٌ.
أحدهما: أنه على حذف مفعوله، تقديره: تغمضوا أبصاركم، أو بصائركم.
والثاني: في معنى ما لا يتعدَّى، والمعنى إلَاّ أن تغضوا، من قولهم:«أَغْضَى عنه» .
وقرأ الزهريُّ:«تُغَمِّضُوا» بضم التاء، وفتح الغين، وكسر الميم مشددةً؛ ومعناها كالأولى. وروي عنه أيضاً:«تَغْمَضُوا» بفتح التاء، وسكون الغين، وفتح الميم؛ مضارع «غَمِضَ» بكسر الميم، وهي لغةٌ في «أَغْمض» الرباعي، فيكون ممَّا اتفق فيه فعل وأفعل.
وروي عن اليزيديّ:«تَغْمُضُوا» بفتح التاء، وسكون الغين، وضمِّ الميم.
قال أبو البقاء - رَحِمَهُ اللَّهُ -: «وهو مِنْ: يَغْمُضُ، كظرفُ يظرُفُ، أي: خَفِيَ عليكم رأيُكم فيه» .
وروي عن الحسن:«تُغَمَّضُوا» بضمِّ التاء، وفتح الغين، وفتح الميم مشددةً على ما لم يسمَّ فاعله.
وقتادة كذلك، إلا أنه خفَّف الميم، والمعنى: إلَاّ أن تحملوا على التغافل عنه، والمسامحة فيه. وقال أبو البقاء - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قراءة قتادة:«ويجوزُ أن يكون مِنْ أغْمَضَ، أي: صودف على تلك الحال؛ كقولك: أَحْمَدْتُ الرجُلَ، أي: وجدته مَحْمُوداً» وبه قال أبو الفتح.
وقيل فيها أيضاً: إنَّ معناها إلَاّ أن تدخلوا فيه وتجذبوا إليه.
والإغماض: في اللغة غضُّ البصر، وإطباق الجفن، وأصله من الغموض، وهو الخفاء، يقال: هذا كلامٌ غامضٌ أي خفي الإدراك.
قال القرطبيُّ: من قول العرب: أغمض الرجل؛ إذا أتى غامضاً من الأمر؛ كما