للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقرأ يعقوب: «يُؤْتِ» مبنياً للفاعل، والفاعلُ ضميرُ الله تعالى، و «مَنْ» مفعولٌ مقدمٌ، و «الحكمة» مفعولٌ ثانٍ؛ كقولك: «أَيّاً يُعْطِ زيداً دِرْهماً أُعْطِه درهماً» ويدل لهذه القراءة قراءة الأعمش.

وقال الزمخشريُّ: بمعنى «وَمْن يُؤْتِهِ اللهُ» . قال أبو حيان: «إِن أرادَ تفسير المعنى، فهو صحيحٌ، وإن أراد الإعراب، فليس كذلك؛ إذ ليس ثمَّ ضمير نصب محذوفٌ، بل مفعول» يُؤْتِ «من الشرطية المتقدمة» . قال شهاب الدين: ويؤيِّد تقدير الزمخشري قراءة الأعمش.

قوله: {فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} جواب الشرط، والماضي المقترن بقد، الواقع جواباً للشرط، تارةً يكون ماضي اللفظ مستقبل المعنى، كهذه الآية الكريمة، فهو الجواب حقيقةً، وتارةً يكون ماضي اللفظ، والمعنى نحو:

{وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ} [فاطر: ٤] فهذا ليس جواباً، بل الجواب محذوفٌ، أي: فتسلَّ، فقد كذِّبت رسلٌ، وسيأتي له مزيد بيان إن شاء الله تعالى.

والتنكير في «خَيْراً» قال الزمخشريُّ: يفيد التعظيم، كأنه قال: فقد أُوتي [أيَّ] خير كَثيرٍ «. قال أبو حيَّان: وتقديره هكذا، يؤدي إلى حذف الموصوف ب» أَيَّ «وإقامة الصفة مقامه، فإنَّ التقدير: فقد أُوتِيَ خيراً أي خيرٍ كثيرٍ، وحذف» أيَّ «الواقعة صفةً، وإقامة المضاف إليها مقامها، وكذلك وصف ما يضاف إليه» أيَّ «الواقعة صفةً، نحو: مررت برجلٍ أيِّ رجلٍ كريم، وكلُّ هذا يحتاج في إثباته إلى دليلٍ، والمحفوظ عن العرب: أنَّ» أيّاً «الواقعة صفةً تضاف إلى ما يماثل الموصوف نحو:

١٢٣٢ - ب - دَعَوْتُ امْرَأً أَيَّ امْرِئٍ فَأَجَابَنِي ... وَكُنْتُ وَإِيَّاهُ مَلَاذاً وَمَوْئِلاً

وقد يحذف المصوف ب» أي «؛ كقوله: [الطويل]

١٢٣٣ - أ - إِذَا حَارَبَ الحَجَّاجُ أَيَّ مُنَافِقٍ ... عَلَاهُ بِسَيْفٍ كُلَّما هُزَّ يَقْطَعُ

تقديره: منافقاً أيَّ منافقٍ، وهذا نادرٌ، وقد تقدم أنَّ تقدير الزمخشريِّ كذلك، أعني كونه حذف موصوف» أيّ «كقراءة الأعمش بإثبات» ها «الضمير و» مَنْ «في قراءته مبتدأٌ، لاشتغال الفعل بمعموله، وعند من يجوِّز الاشتغال في أسماء الشَّرط، والاستفهام، يجوز في»

<<  <  ج: ص:  >  >>