قوله:{إِلَاّ كَمَا يَقُومُ} فيه الوجهان المشهوران وهما:
النصب على النعب؛ لمصدر محذوف، أي: لا يقومون إلا قياماً مثل قيام الذي يتخبطه الشيطان، وهو المشهور عند المعربين.
أو النصب على الحال من ضمير ذلك المصدر المقدَّر، أي: لا يقومونه، أي: القيام إلَاّ مبشهاً قيام الذي يتخطبه الشيطان، وهو رأي سيبويه، وقد قدَّمت تحقيقهما.
و «ما» الظاهر أنها مصدريةٌ، أي: كقيام. وجوَّز بعضهم أن تكون بمعنى الذي، والعائد محذوفٌ، والتقدير: إلا كالقيام الذي يقومه الذي يتخبَّطه الشيطان، وهو بعيدٌ.
و «يتخبَّطه» يتفعَّله، وهو بمعنى المجرد أي يخبطه؛ فهو مثل: تعدَّى الشيء وعداه فهو تفعَّل بمعنى فعل، نحو تقسَّمه: بمعنى قسمه، وتقطَّعه: بمعنى قطعه. ومعنى ذلك مأخوذٌ من خبط البعير بأخفافه: إذا ضرب بها الأرض. ويقال: فلانٌ يخبط خبط عشواء؛ قال علقمة:[الطويل]
والتخبط معناه: الضَّرب على غير استواء، ويقال للرجل الذي يتصرف في أمر ولا يهتدي فيه، إنه يخبط خبط عشواء، وخبط البعير الأرض بأخفافه، وتخبطه الشيطان، إذا مسَّه بخبلٍ، أو جنونٍ؛ لأنه كالضَّرب على غير استواء في الإدهاش.
قوله:{مِنَ المس} فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه متعلقٌ بيتخبَّطه من جهة الجنون، فيكون في موضع نصبٍ، قاله أبو البقاء.