الزخرف: ٥٦] أي: أمةً متقدمةً تعتبر بهم من بعدهم، وتجمع السَّلف على: أسلافٍ وسلوفٍ، والسالفة والسُّلاف: المتقدِّمون في حرب أو سفرٍ، والسالفة من الوجه؛ لتقدُّمها؛ قال:[الوافر]
والسُّلفة: ما يقدَّم من الطعام للضَّيف. يقال:«سَلِّفُوا ضَيْفَكُمْ، ولَهِّنُوهُ» أي: بادروه بشيءٍ مَّا، ومنه: السَّلف في الدَّين؛ لأنه تقدَّمه مالٌ.
والسَّالفة: العنق؛ لتقدُّمه في جهة العلو، والسلفة: ما قدم قبل الطعام، وسلافة الخمر: صفوتها؛ لأنه أوَّل ما يخرج من عصيرها.
فصل في تأويل ما سلف
قال الزجاج: أي صفح له عمَّا مضى من ذنبه، قبل نزول الآية؛ كقوله:{قُل لِلَّذِينَ كفروا إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ}[الأنفال: ٣٨] ، وضعِّف؛ بأن قبل نزول الآية في التحريم، لم يكن ذلك حراماً، ولا ذنباً؛ فكيف يقال المراد من الآية الصفح عن ذلك الذنب مع أنه ما كان هناك ذنبٌ؟ والنهي المتأخر لا يؤثر في الفعل المتقدم! ولأنه تعالى أضاف ذلك إليه بلام التمليك، وهو قوله:{فَلَهُ مَا سَلَفَ} أي: كلُّ ما أكل من الرِّبا، وليس عليه ردُّه، فأمَّا ما لم يقضَ بعد، فلا يجوز له أخذه، وإنما له رأس ماله فقط؛ كما بيَّنه تعالى في قوله تعالى:{وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ}[البقرة: ٢٧٩] .
فصل
قال ابن الخطيب - رَحِمَهُ اللَّهُ -: في قوله تعالى: {وَأَمْرُهُ إِلَى الله} وجوهٌ للمفسرين، والذي أقوله: إنَّ هذه الآية مختصةٌ بمن ترك استحلال الرِّبا من غير بيان أنه ترك أكل الربا، أو لم يترك؛ ويدلُّ عليه مقدمة الآية ومؤخِّرتها.
أمَّا مقدمة الآية؛ فلأن قوله {فَمَن جَآءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّنْ رَّبِّهِ فانتهى} ليس فيه بيان أنه انتهى عماذا، فلا بدَّ وأن يصرف ذلك إلى المدلول السابق، وأقرب المذكورات إلى هذه الكلمة قولهم:{إِنَّمَا البيع مِثْلُ الربا} فكان قوله: {فانتهى} عائداً إليه فيكون المعنى: فانتهى عن هذا القول.
وأما مؤخرة الآية فقوله:{وَمَنْ عَادَ فأولئك أَصْحَابُ النار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} معناه