واحتجُّوا بما رواه الدَّارقطنيُّ من حديث مسلم بن خالد الزَّنجي، قال: حدثنا زيد ابن أسلم عن ابن البيلمانيّ، عن سرَّقٍ، قال: كان لرجلٍ عليّ مالٌ - أو قال - دينٌ فذهب إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فلم يصب لي مالاً، فباعني منه، أو باعني له؛ أخرجه البزَّار بإسناد طويل، ومسلم بن خالد الزنجي، وعبد الرحمن البيلماني لا يحتجُّ بهما.
قوله:{وَأَن تَصَدَّقُواْ} مبتدأ وخبره «خير» وقرأ عاصم: بتخفيف الصاد، والباقون: بتثقيلها. وأصل القراءتين واحدٌ؛ إذ الأصل: تتصدَّقوا، فحذف عاصمٌ إحدى التاءين: إمَّا الأولى، وإمَّا الثانية، وتقدَّم تحقيق الخلاف فيه، وغيره أدغم التاء في الصاد، وبهذا الأصل قرأ عبد الله:«تَتَصَدَّقوا» . وحذف مفعول التصدُّق للعلم به، أي: بالإنظار؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «لَا يَحِلُّ دَيْنُ رَجلٍ مُسْلم، فيؤخره؛ إلَاّ كان له بِكُلِّ يَوْمٍ صدقةٌ» وهذا ضعيفٌ؛ لأن الإنظار ثبت وجوبه بالآية، فلا بد من حمل هذه الآية على فائدةٍ جديدةٍ، ولأن قوله «خَيْرٌ لكُمْ» إنما يليق بالمندوب، لا بالواجب. وقيل: برأس المال على الغريم، إذ لا يصحُّ التصدق به على غيره؛ كقوله تعالى:{وَأَن تعفوا أَقْرَبُ للتقوى}[البقرة: ٢٣٧] .
قوله:{إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} جوابه محذوفٌ، و «اَنْ تَصَدَّقُوا» بتأويل مصدرٍ مبتدأ، و «خيرٌ لكم» خبره.
فصل في تقدير مفعول «تعلمون» ونصب «يوماً»
وتقدير مفعول «تَعْلَمُونَ» فيه وجوه:
أحدها: إن كنتم تعلمون أنَّ هذا التصدُّق خير لكم إن عملتموه.
الثاني: إن كنتم تعلمون فضل التصدُّق على الإنظار والقبض.
الثالث: إن كنتم تعلمون أنَّ ما يأمركم به ربُّكم أصلح لكم.