للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فإن قيل: المداينة: مفاعلة، وحقيقتها أن يحصل من كلّ واحدٍ منهما دين، وذلك هو بيع الدَّين بالدَّين، وهو باطلٌ بالاتفاق.

فالجواب: أنَّ المراد من «تَدَايَنْتُمْ» : تعاملتم، والتَّقدير تعاملتم بما فيه دين.

فإن قيل: قوله «تَدَايَنْتُمْ» يدلُّ على الدّين، فما الفائد في قوله: «بِدَيْنٍ» .

فالجواب من وجوه:

أحدها: قال ابن الأنباريّ: التَّداين يكون لمعنيين:

أحدهما: التَّداين بالمال؛ والتَّداين بمعنى المجازاة من قولهم: «كَمَا تَدِينُ تُدَانُ» فذكر الدين لتخصيص أحد المعنيين.

الثاني: قال الزَّمخشريُّ: وإنَّما ذكر الدَّين؛ ليرجع الضمير إليه في قوله تبارك وتعالى {فاكتبوه} إذ لو لم يذكر، لوجب أن يقال: فاكتبوا الدُّين.

الثالث: ذكره ليدلّ به على العموم، أي: أي دين كان من قليلٍ، أو كثيرٍ من قرضٍ، أو سلمٍ، أو بيع دين إلى أجل.

الرابع: أنَّه تبارك وتعالى ذكره للتَّأكيد كقوله تبارك وتعالى

{فَسَجَدَ

الملاائكة

كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} [الحجر: ٣٠] وقوله: {وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨] .

الخامس: قال ابن الخطيب - رَحِمَهُ اللَّهُ تعالى -: إنَّ المداينة مفاعلة، وهي تتناول بيع الدَّين بالدَّين وهو باطلٌ، فلو قال إذا تداينتم لبقي النص مقصوراً على بيع الدين بالدين وهو باطلٌ، فلو قال إذا تداينتم لبقي النص مقصوراً على بيع الدين بالدين وهو باطل فلما قال: {إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ} كان المعنى: إذا تداينتم تدايناً يحصل فيه دين واحد وحينئذٍ يخرج عن بيع الدّين بالدين، ويبقى بيع العين بالدّين أو بيع الدّين بالعين، فإن الحاصل في كلِّ واحدٍ منهما دين واحد لا غير.

فإن قيل: إن كلمة «إذَا» لا تفيد العموم، والمراد من الآية العموم؛ لأن المعنى كلَّما تداينتم بدين فاكتبوه فلم عدل عن كلما وقال: {إِذَا تَدَايَنتُم} .

فالجواب: أنَّ كلمة «إِذَا» ، وإن كانت لا تقتضي العموم إلا أنَّها لا تمنع من

<<  <  ج: ص:  >  >>