للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والآخرة تأنيث آخر مقابل ل «أول» ، وهي صفة في الأصل جرت مجرى الأسماء، والتقدير: الدار الآخرة، والنشأة الآخرة، وقد صرح بهذين الموصوفين، قال تعالى: {وَلَلدَّارُ الآخرة خَيْرٌ} [الأنعام: ٣٢] وقال: {ثُمَّ الله يُنشِىءُ النشأة الآخرة} [العنكبوت: ٢٠] .

و «يوقنون» من أيقن بمعنى: استيقن، وقد تقدّم أن «أفعل» [يأتي] بمعنى: «استفعل» أي: يستيقنون أنها كائنة، من الإيقان وهو العلم.

وقيل: اليقين هو العلم بالشيء بعد أن كان صاحبه شاكًّا فيه، فلذلك لا تقول: تيقّنت وجود نفسي، وتيقنت أن السماء فوقي، ويقال ذلك في العلم الحادث، سواء أكان ذلك العلم ضرورياً أو استدلالياً.

وقيل: الإيقان واليقين علم من استدلال، ولذلك لا يسمى الله موقناً ولا علمه يقيناً، إذ ليس علمه عن استدلال.

وقرىء: «يُؤْقِنُون» بهمز الواو، وكأنهم جعلوا ضمّة الياء على الواو لأن حركة الحرف بين بين، والواو المضمومة يطرد قبلها همزة بشروط:

منها ألاّ تكون الحركة عارضة، وألاّ يمكن تخيفها، وألاّ يكون مدغماً فيها، وألاّ تكون زائدة؛ على خلاف في هذا الأخير، وسيأتي أمثلة ذلك في سورة «آل عمران» عند قوله: {وَلَا تَلْوُونَ على أحَدٍ} [آل عمران: ١٥٣] ، فأجروا الواو السَّاكنة المضموم ما قبلها مُجْرَى المضمومة نفسها؛ لما ذكرت لك، ومثل هذه القراءة قراءةُ قُنْبُلٍ «بالسُّؤْقِ» [ص: ٣٣] و «على سُؤْقِهِ» [الفتح: ٢٩] وقال الشاعر: [الوافر]

١٣٥ - أَحَبُّ المُؤْقِدَيْنِ إِلَيَّ مُؤْسَى ... وَجَعْدَةُ إِذْ أَضَاءَهُمَا الْوَقُودُ

بهمز «المؤقدين» .

وجاء بالأفعال الخمسة بصيغة المضارع دلالة على التجدُّد والحدوث، وأنهم كل وقت يفعلون ذلك.

وجاء ب «أنزل» ماضياً، وإن كان إيمانهم قبل تمام نزوله تغليباً للحاضر المنزول

<<  <  ج: ص:  >  >>