بهذا؟ فأنزلَ الله {هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكتاب وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} .
وقال الربيع: هم وَفْدُ نجرانَ، خاصموا النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ في عيسى، وقالوا: ألست تزعم أنه كلمةُ الله وروح منه؟ قال: بلى، قالوا: حَسْبُنا، فأنزل الله تعالى هذه الآية، ثم أنزل:{إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ}[آل عمران: ٥٩] .
قال ابن جريج: هم المنافقون.
وقال الحسن: هم الخوارج، وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية {فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} قال: إن لم يكونوا الحرورية والسبئية فلا أدري مَنْ هُمْ، وقال المحققون: إن هذا يَعُم جميعَ المبطلين، قالت عائشة: تلا رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ هذه الآيةَ منه آيات محكمة هي أم الكتاب وأخر متشابهات إلى قوله: أولي الألباب {هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب} فقال رسول الله: «فَإذَا رَأيْتَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأولَئِكَ الذين سمى الله فاحذرهم» وعن أبي غالب قال: «كنت أمشي مع أبي أمامة، وهو على حمار حتى إذا انتهى إلى درج مسجد دمشق، فإذا رؤوسٌ منصوبة، فقال: ما هذه الرؤوس؟ قيل: هذه رؤوس يُجاء بهم من العراق، فقال أبو أمامة: كلابُ النار، كلابُ النار، [كلابُ النار] أو قتلى تحت ظل السماء، طوبى لمن قَتَلهم وقتلوه - يقولها ثلاثاً - ثم بكى، فقلت: ما يُبْكيك يا أبا أمامة؟ قال: رحمةً لهم؛ إنهم كانوا من أهل الإسلام، فخرجوا منه، ثم قرأ:{هُوَ الذي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكتاب} الآية، ثم قرأ:{وَلَا تَكُونُواْ كالذين تَفَرَّقُواْ واختلفوا مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ البينات}[آل عمران: ١٠٥] ، فقلت: يا أبا أمامة، هم هؤلاء؟ قال: نعم، قلت: أشيء تقوله برأيك، أم شيء سمعته من رسول اله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ؟ فقال: إني إذَنْ لَجرِيء، إني إذاً لَجَريءٌ، بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه سولم غيرَ مرةٍ ولا مرتين، ولا ثلاث، ولا أربع، ولا خمس، ولا ست، ولا سبع، ووضع أصبعيه في أذنيه، قال: وإلا فَصُمَّتَا، قالها ثلاثاً - ثم قال: سمعتُ رسولَ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يقول
«تَفرَّقَتْ بَنو إسرائيلَ على أحْدَى وسبعينَ فرقةً،