للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

رابعاً: قوله: {كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا} معناه أنهم آمنوا بما عرفوا تفصيله، وبما لا يعرفون تفصيله، ولو كانوا عالمين بالتفصيل في الكل، لم يبق لهذا الكلامِ فائدة.

وخامسها: نُقل عن ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما أنه قال: تفسير القرآن على اربعة أوجه: «تفسير لا يسمع أحداً جهلُه، وتفسير تعرفه العربُ بألسنتها، وتفسيرٌ تعرفه العلماء، وتفسيرٌ لا يعلمه إلا اللهُ تعالى» .

وسئل مالك بن أنس عن قوله: {الرحمن عَلَى العرش استوى} [طه: ٥] فقال: «الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة» .

والرسوخ: الثبوت والاستقرار ثبوتاً متمكّناً، فهو أخص من مطلق الثَّبَاتِ.

قال الشاعر: [الطويل]

١٣٢٨ - لَقَد ْ رَسَخَتْ فِي الْقَلْبِ مِنِّي مَوَدَّةٌ ... لِلَيْلَى أبَتْ آيَاتُهَا أن تُغَيَّرا

«آمَنَّا بِهِ» في محل نصب بالقول، و «كُلٌّ» مبتدأ، أي: كله، والجار بعده خبره، والجملة نصب بالقول أيضاً.

فإن قيل: ما الفائدة في لفظ «عِنْدِ» ولو قال: كل من ربنا لحصل المقصود؟

فالجوابُ: أن الإيمان بالمتشابه يحتاج فيه إلى مزيد من التأكيد.

فإن قيل: لِمَ حُذِفَ المضاف إليه من «كُلٌّ» ؟

فالجوابُ: لأن دلالته على المضاف قوية، فالأمْنُ من اللَّبْسِ بعدَ الحذفِ حاصلٌ.

قوله: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَاّ أُوْلُواْ الألباب} مَدْحٌ للذين قالوا: آمنا، قال ابنُ عباسٍ ومجاهدٌ والسُّدِّيُّ: بقولهم آمنَّا سماهم الله راسخينَ في العلم، فرسوخهم في العلم قولهم: آمنا به - أي المتشابه - كلٌّ من عند ربنا - المحكم والمتشابه، وما علمناه، وما لم نعلم -.

وقيل: الراسخونَ: علماء أهل الكتاب - كعبد الله بن سلام وأصحابه - لقوله تعالى: {لكن الراسخون فِي العلم مِنْهُم} [النساء: ١٦٢] يعني الدارسين علم التوراة، وسُئِل مالك بن أنس عن الراسخينَ في العلمِ فقال: العالمُ العاملُ بما عَلِم، المتَّبع له.

وقيل: الراسخ ي العلم من وُجِدَ في علمه أربعة أشياءٍ: التقوى بينه وبين الله، والتواضع بينه وبين الخلق، والزهد بينه وبين الدنيا، والمجاهدة بينه وبين نفسه.

«وَمَا يذكَّرُ» يتَّعظ بما في القرآن {إِلَاّ أُوْلُواْ الألباب} ذوو العقول.

<<  <  ج: ص:  >  >>