الثاني: أنه مصوب ب «كَفَرُوا» لكن مقدر؛ لدلالة هذا الملفوظ به عليه.
الثالث: أن الناصبَ مقدَّر، مدلول عليه بقوله:«لَنْ تُغْنِيَ» أي: بطل النتفاعهم بالأموالِ والأولادِ كعادة آل فرعونَ في ذلك. والمعنى: إنكم قد عرفتم ما حلَّ بآل فرعون ومَنْ قبلَهم من المكذبين بالرسل - من العذاب المعجل الذي عنده - لم ينفعهم مال ولا ولد.
الرابع: أنه منصوب بلفظ «وَقُودُ» ، أي: تُوقَد النارُ بهم كما توقد بآل فرعون، كما تقول: إنك لتظلم الناس كدأبِ أبيك، تريد: كظلم أبيك، قاله الزمخشريُّ، وفيه نظر؛ لأن الوقود - على القراءة المشهورة - الأظهر فيه أنه اسم لِما يوقد به، وإذا كان اسماً فلا عَمَل له، فإن قيل: إنه مصدر على قراءة الحَسن صَحَّ، ويكون معنى الدأب: الدؤوب - وهو اللُّبْثُ والدوام، وطول البقاء في الشيء - وتقدير الآية:«وَأُولَئِكَ هُم وَقُودُ كَدَأْبِ آل فِرْعَونَ» .
[أي: دؤوبهم في النار كدأب آل فرعون] .
الخامس: أنه منصوب بنفس «لَنْ تُغْنِي» أي: لن تغني عنهم مثل ما لم تُغنِ عن أولئك، ذكره الزمخشري، وضعَّفه أبو حيَّان بلزوم الفصل بين العامل ومعموله بالجملة - التي هي قوله:{وأولئك هُمْ وَقُودُ النار} قال: «على أي التقديرين اللَّذَيْنِ قدرناهما فيهما من أن تكون معطوفة على خبر» إنَّ «أو على الجملة المؤكَّدة ب» إنَّ «قال: فإن جعلتها اعتراضيةً - وهو بعيد - جازَ ما قال الزمخشريُّ» .
السادس: أن يكون العامل فيها فعلاً مقدَّراً، مدلولاً عليه بلفظ «الوَقُود» ، تقديره: توقَد بهم كعادة آل فرعون، ويكون التشبيه في نفس الاحتراق، قاله ابنُ عطية.
السابع: أن العامل يُعَذَّبُونَ كعادةِ آل فرعونَ، يدل عليه سياق الكلام.
الثامن: أنه منصوب {كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} ، والضمير في «كَذَّبُوا» - على هذا - لكفار مكة وغيرهم من معاصِرِي رسولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أي: كذبوا تكذيباً كعادة آل فرعونَ في ذلك التكذيب.
التاسع: أن العامل فيه قوله: {فَأَخَذَهُمُ الله} ، أي: فأخذهم الله أخْذاً كأخذه آل فرعون، والمصدر تارةً يضاف إلى الفاعل، وتارةً إلى المفعول، والمعنى: كَدَأبِ الله في آل فرعون، ونظيره قوله تعالى:{يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ الله}[البقرة: ١٦٥] أي: كَحُبِّهم لله، وقال:{سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ}[الإسراء: ٧٧] والمعنى: سنتي فيمن أرسلنا قبلك، وهذا مردود؛ فإن ما بعد الفاء العاطفة لا يعمل فيما قبلها، لا يجوز قمت زيداً فضربت وأما زيداً فاضرب، فقد تقدم الكلام عليه في البقرة.