{والذين مِن قَبْلِهِمْ} يجوز أن يَكُونَ مجروراً نسقاً على {آلِ فِرْعَوْنَ} ، وأن يكونَ مرفوعاً على الابتداء، والخبر قوله - بعد ذلك - {كَذَّبُواْ بِآيَاتِ الله} ، وهذان الاحتمالان جائزان مطلقاً، وخص أبو البقاء جواز الرفع بكون الكافِ في محل رفع، فقال:» فعلى هذا - أي: على كونها مرفوعة المحل؛ خبراً لمبتدأ مضمر - يجوز في {والذين مِن قَبْلِهِمْ} مبتدأ، و «كَذَّبُوا» خبره «.
قوله:{كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا} قد تقدم أنه يجوز أن يكون خَبراً عن «الَّذِينَ» إن قيل: إنه مبتدأ، فإن لم يكن مبتدأ فقد تقدم أيضاً أنه يكون تفسيراً للدأب، كأنه قيل: ما فعلوا، وما فعل بهم؟ فقيل: كذبوا بآياتِنا، فهو جوابُ سؤال مقدر، وأن يكون حالاً، وفي قوله:{بِآيَاتِنَا} التفات؛ لأن قبله {مِّنَ الله} وهو اسم ظاهر.
والمراد بالآيات: المعجزات، والباء في «بِذُنُوبِهِمْ» يَجوز أن تكون سببيةً، أي: أخذهم بسبب ما اجترحوا، وأن تكون للحالِ، أي أخذهم متلبسين بالذنوب، غير تائبين منها والذنب في الأصل - التِّلْو والتابع، وسُمِّيَت الجريمةُ ذَنْباً؛ لأنها يتلو، أي: يتبع عقابُها فاعلمه والذَّنُوب: الدَّلْو؛ لأنها تتلو الحبلَ في الجذبِ، وأصل ذلك من ذَنَب الحيوان؛ لأن يذنبه أي: يتلوه، يقال: ذنبه يذنبه ذنباً، أي: تبعه، واستعمل في الأخذ؛ لأن مَنْ بينَ يده العقاب كالمأخوذ المأسور الذي لا يَقْدر على التخلُّص. قوله {شَدِيدُ العقاب} كقوله: {سَرِيعُ الحساب}[البقرة: ٢٠٢] ، أي: شديدٌ عِقَابه وقد تقدم تحقيقه.