اليهود والمشركين داخِلينَ في الخطاب، ثم يجوز - في هذا المعنى - التاء والياء، كما تقول في الكلام: قل لعبد الله: إنه قائم، وإنك قائم» .
وفي حرف عبد الله:{قُل لِلَّذِينَ كفروا إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ} ، ومَن قرأ بالياء فإنه ذهب إلى مخاطبة اليهود، وأنَّ الغَلَبَةَ تقع على المشركين، كأنه قيل: قل يا محمد لليهود سيُغْلَب المشركون، ويُحْشَرُونَ، فليس يجوز في هذا المعنى إلَاّ الياءُ لأن المشركين غيب.
فصل في سبب النزول
في سبب نزول الآية أوجه:
الأول: قال ابن إسحاق - ورواه سعيدُ بنُ جُبَيْر، وعكرمةُ عن ابن عباس -: لما أصاب رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قريشاً ببدر، ورجع إلى المدينة، جمع اليهودَ في سوق بني قينقاع، وقال: يا معشرَ اليهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش يوم بدر، فأسلموا قبل أن يَنْزِل بكم ما نزل بهم، فقد عرفتم أني نَبِيٌّ مُرْسَل، تجدون ذلك في كتابكم، فقالوا: يا محمد، لا يَغُرَّنَّكَ أنك لقيت قوماً أغماراً - لا عِلْم لهم بالحرب - فأصَبْتَ منهم فُرْصَةٌ، وإنا - والله - لو قاتلناك لعرفْتَ أنَّا نحن الناس، فأنزل الله تعالى:{ {قُل لِلَّذِينَ كفروا} ، يعني اليهود «سَتُغْلَبُونَ» تُهْزَمُونَ، «وَتُحْشَرُونَ» فِي الآخرة «إلَى جَهَنَّم وَبِئْسَ الْمِهَادُ» أي: الفراش.
الثاني: قال الكلبيُّ عن ابن عباس - أيضاً -: إن يهود أهل المدينة - لما شاهَدُوا هزيمة المشركين يومَ بدر - قالوا: والله إن هذا لهو النبيُّ الأميُّ الذي بَشَّرَنَا به موسى، وفي التوراة نعته، وأنه لا يُرَدُّ عليه رأيه، وأرادوا اتباعه، ثم قال بعضهم لبعض: لا تعجلوا حتى ننظر إلى وقعة له أخرى، فلما كان يوم أحد، ونُكِبَ أصحابُ النبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ شَكُّوا، وقالوا: ليس هو ذلك، فغَلَبَ عليهمُ الشقاءُ فلم يُسْلِموا، وقد كان بينهم وبين أصحابِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ عهدٌ إلى مدة فنقضوا ذلك العهدَ، وانطلق كعبُ بن الأشرف في ستين راكباً - إلى مكة يستنفرهم، فأجمعوا أمرهم على قتال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فأنزل الله هذه الآية.
الثالث: أن هذه الآية واردة في جميع الكفار.
فصل في تكليف ما لا يطاق
استدلوا على [جواز] تكليف ما لا يطاق بهذه الآية، قالوا: لأن الله تعالى أخبر