تعالى: {خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لتسكنوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: ٢١] ، ثم ثَنَّى بالولد الذَّكَر؛ لأن حُبَّ الولد الذكر أكثر من حب الولد الأنثى، واعلم أن الله تعالى - في إيجاد حُبِّ الزوجة والولد في قلب الإنسان - حكمةً بالغةً؛ إذْ لولا هذا الحُبُّ لَمَا حصل التوالُدُ والتناسُل، وهذه المحبة غريزة في جميع الحيوان، والبنين: جمع ابن، قال نوح:
{رَبِّ إِنَّ ابني مِنْ أَهْلِي} [هود: ٤٥] ويًصَغَّر «ابن» على بُنَيّ، قال لقمان: {يا بني لَا تُشْرِكْ بالله} [لقمان: ١٣] ، وقال نوح: {يابني اركب مَّعَنَا} [هود: ٤٢] .
قوله تعالى: {والقناطير} هي جمع قِنْطار، وفي نونه قولان:
أحدهما: أنها أصلية، وأن وَزْنَه فِعْلَال، كحِمْلاق، وقِرْطاس.
والثاني: أنها زائدة، وأن وزنه فِنْعال كفِنْعاس، وهو الجمل الشديد، واشتقاقه من قطر يقطر - إذا سال؛ لأن الذهب والفضة يُشَبَّهَان بالماء في سرعة الانقلابِ، وكثرة التقلُّب.
وقال الزَّجَّاج: هو مأخوذ من قَنْطَرتُ الشيء - إذا عقدته وأحكمته - ومنه القنطرة؛ لإحْكام عقدها.
حكى أبو عبيدة عن العرب أنهم يقولون: القنطار وزن لا يُحَدُّ.
قال ابن الخطيب: «وهذا هو الصحيح» .
وقال الربيع بن أنس: القنطار: المال الكثير بعضه على بعض.
وقال القرطبي: «والعرب تقول قنطر الرجل إذا بلغ ماله أن يوزن بالقنطار» .
وقال معاذ بن جبل - ورواه أبَيّ بنُ كعب عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قال: «القنطارُ ألفٌ ومئتا أوقية» .
وقال ابن عباس والضحاك: ألف ومائتا مثقالٍ، وعنهما - في رواية أخرى - اثنا عشر ألفَ درْهمٍ أو ألف دينار دية أحدكم، وبه قال الحسن.
وروى أبو هريرة عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ أنه قال: «القِنْطَارُ اثْنَا عَشَرَ ألْفَ أوْقيةٍ» .