المعنى، فكان بياناً صريحاً؛ لأن دينَ الإسلام هو التوحيد والعدل» فقال: فَهَذَا نَقْل كَلَامِ أبي عَلِيٍّ دُونَ استيفاس.
الثالث - من الأوجل -: أن يكون «إنَّ الدِّينَ» معطوفاً على {أَنَّهُ لَا إله إِلَاّ هُوَ} حذف منه حرف العطف، قاله ابن جرير، وضعفه ابن عطية، ولم يُبَيِّن وَجْهَ ضَعْفه.
قال أبو حيان:«ووجه ضَعْفِه أنه متنافر التركيب مع إضمار حرف العطف، فيفصل بين المتعاطفَين المرفوعين بالمنصوب المفعول، وبين المتعاطفين المنصوبين بالمرفوع المشارك الفاعل في الفاعلية وبجملتي الاعتراض، وصار في التركيب دون مراعاة الفصل، نحو أكل زيدٌ خُبْزاً، وعَمْرو سَمَكاً، يعني فصلت بين زيد وعمرو ب» خبزاً وسمكاً «.
الرابع: أن يكون معمولاً لقوله: {شَهِدَ الله} ، أي: شهد الله بأن الدين، فلما حذف حرف الجر جاز أن يحكم على موضعه بالنصب، أو الجر.
فإن قلت: إنما يتجه هذا التخريجُ على قراءة ابن عباس، وهي كسر» أنّ «الأولى، وتكون الجملة - حينئذ - اعتراضاً بين طشَهِدَ» وبين معموله كما تقدم، وأما على قراءة فتح «أن» الأولى - وهي قراءة العامة - فلا يتجه ما ذكرتَ من التخريج؛ لأن الأولى معمولة له، استغنى بها.
فالجوابُ: أن ذلك مُتَّجِهٌ - أيضاً - مع فتح الأولى، وهو أن يُجْعَل الأولى على حذف لام العلة تقديره: شهد الله أن الدين عند الله الإسلام؛ لأنه لا إله إلا هو، وهذا التخريج ذكره الواحديُّ، وقال:«هذا معنى قول الفراء حيث يقول - في الاحتجاج للكسائي -: إن شئت جعلت» أنه «على الشرط، وجعلنا الشهادة واقعة على قوله:{إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام} ، ويكون» إنَّ «الأولى يصلح فيها الخفض، كثولك: شهد الله لوحدانية أن الدين عند الله الإسلام» .
وهو كلام مُشْكِلٌ في نفسه، ومعنى قوله على الشرط، أي: العلة، سمَّى العلةَ شرطاً؛ لأن المشروطَ متوقفٌ عليه كتوقف المعلول على علتع، فهو علة، إلا أنه خلاف اصطلاح النحويين.
ثم اعترض الواحدي على هذا التخريج بأنه لو كان كذلك لم يَحْسُن إعادة اسم «الله» ، ولكان التركيب: إن الدين عنده الإسلام؛ لأن الاسم قد سَبَق، فالوجه الكناية.
ثم أجاب بأن العربَ رُبَّما أعادت الاسم موضعَ الكناية، وأنشد:[الخفيف]