والإقرار بما جاء من عند الله، وهو دين الله الذي شرع لنفسه، وبعث به رُسُلَه وَدَلَّ عليه أولياءه، لا يقبلُ غيرَه، ولا يَجْزِي إلا به.
روى غالب القطان، قال: أتيتُ الكوفةَ في تجارة، فنزلتُ قريباً من الأعمش، فكنت أختلف إليه، فلما كنت ذاتَ ليلةٍ، أردت أن أنحدر إلى البصرة، قام من الليل يتهجد، فمرَّ بهذه الآيةِ:{شَهِدَ الله أَنَّهُ لَا إله إِلَاّ هُوَ والملائكة وَأُوْلُواْ العلم قَآئِمَاً بالقسط لَا إله إِلَاّ هُوَ العزيز الحكيم}[آل عمران: ١٨] قال الأعمش: وأنا أشهدُ بما شَهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي - عند الله - وديعة، {إِنَّ الدِّينَ عِندَ الله الإسلام} - قالها مراراً.
قلت: لقد سمع فيها شيئاً، فصليْت معه، وودعته، ثم قلت: إني سمعتُكَ تُرَدِّدُهَا، فما بلغك؟ قال: واللهِ لا أحَدثُكَ بها إلى سنةٍ، فكتَبْتُ على بابه ذلك اليومَ، وأقمتُ سنةً، فلمَّا مضت السنةُ، قلتُ: يا أبا محمد، قد مضت السنةُ، فقال: حَدَّثني من حدثني عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ «يُجَاء بِصَاحِبهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيَقُولُ اللهُ تعالى: إنَّ لِعَبْدِي هذا - عندي - عهداً، وَأنا أحَقُّ مَنْ وَفَى بِالْعَهْدِ، أدْخِلُوا عَبْدِي الْجَنَّةَ» .
قوله تعالى:{وَمَا اختلف الذين أُوتُواْ الكتاب إِلَاّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ الله فَإِنَّ الله سَرِيعُ الحساب} .
قال الكلبي: نزلت في اليهود والنصارى حين تركوا الإسلام، أي: وما اختلف الذين أوتوا الكتابَ في نبوة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إلَاّ من بعد ما جاءهم العلم، يعني بيان نعته في كتبهم.
وقال الربيع: إن موسى - عليه السلام - لما حضره الموتُ دعا سبعين رجلاً من أحبار بني إسرائيل، فاستَوْدَعَهم التوراة، واستخلف يُوشَعَ بن نون، فلما مضى القرنُ السبعين - حتى أهرقوا بينهم الدماء، ووقع الشَّرُّ والاختلافُ، وذلك {مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ العلم} يعني بيان ما في التوراة، {بَغْيًا بَيْنَهُمْ} أي: طلباً للملك والرياسة، فسلط الله عليهم الجبابرةَ.
قال محمدُ بنُ جفعر بن الزبير: نزلت في نصارى نجران، معناها: {وَمَا اختلف