العرب، ووصفهم بكونهم أميين؛ لأنهم لم يَدَّعوا كتاباً، شبههم بمن لا يقرأ ولا يكتب، وإما لكونهم ليسوا من أهل الكتابة والقراءة، وإن كان فيهم من يكتب فهو نادر.
قال الزمخشري:«يعني أنه قد أتاكم من البيِّنات ما يوجب الإسلام، ويقتضي حصوله - لا محالة - فهل أسلمتم بعدُ أم أنتم على كفركم؟ ، وهذا كقولك - لمن لخَّصْتُ له المسألة، ولم تُبْقِ من طُرُق البيان والكشف طريقاً إلَاّ سلكته -: هل فهمتها، أم لا - لا أُمَّ لك - ومنه قوله - عَزَّ وَجَلَّ - {فَهَلْ أَنْتُمْ مُّنتَهُونَ} بعد ما ذكر الصوارف عن الخمر والميسر، وفي الاستفهام استقصار، وتعبير بالمعاندة، وقلة الإنصاف؛ لأن المُنْصِفَ - إذا تَجَلَّتْ لَهُ الحجَّةُ - لم يتوقف إذْعانه للحق» .
وقال الزّجّاج:«أأسْلَمْتُم» تهديد.
قال القرطبيُّ:«وهذا حَسَنٌ؛ لأن المعنى: أأسْلَمْتُمْ أمْ لَا؟» .
قوله:{فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهتدوا} دخلت «قد» على الماضي؛ مبالغة في تحقُّق وقوعِ الفعل، وكأنه قد قَرُب من الوقوع.
رُوي أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ قرأ هذه الآية، فقال أهل الكتاب: أسْلَمْنَا، فقال لليهود: أتَشَهدُونَ أنّ عِيسَى كَلِمَةُ اللهِ وَعَبْدُهُ، وَرَسُولُهُ؟ فقالوا: معاذَ اللهِ، وقال للنَّصَارَى: أتَشَهدُونَ أنّ عِيسَى عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ؟ فقالوا معاذَ الله أن يكون عيسى عبداً، فقال الله عَزَّ وَجَلَّ -: {وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ البلاغ} ، أي: تبليغ الرسالة، وليس عليك الهداية.
والبلاغ: مصدر «بَلَغَ» - بتخفيف عين الفعل -.
قيل: إنها نُسِخَت بالجهاد. {والله بَصِيرٌ بالعباد} عالم بمن يؤمن ومن لا يؤمن، وهذا يفيد الوعد والوعيد.