فلما كان هذا الاسم الأصل فيه أن لا يوصَف؛ لما ذكرنا، كان «اللهم» أولى أن لا يوصَف، لأنه قبل ضَمِّ الميم إليه واقعٌ موقع ما لا يوصف، فلما ضُمَّت إليه الميم صِيغ معها صياغةً مخصوصةً فصال حكمه حكم الأصواب، وحكم الأصوات أن لا توصف نحو غاقٍ، وهذا - مع ما ضُمَّ إليه من الميم - بمنزلة صوت مضمومٍ إلى صوتٍ نحو حَيَّهَلْ، فحقه أن لا يوصَف، كما لا يوصَف حيَّهَلْ.
قال شهابُ الدينِ:«هذا ما انتصر به أبو علي لسيبويه، وإن كان لا ينتهض مانعاً» .
قوله: تُؤتِي «هذه الجملة، وما عُطِفَ عليها يجوز أن تكون مستأنفةً، مبينة لقوله:{مَالِكَ الملك} ويجوز أن تكون حالاً من المنادى.
وي انتصاب الحال من المنادى خلاف، الصحيح جوازه؛ لأنه مفعول به، والحال - كما يكون لبيان هيئة الفاعل - يكون لبيان هيئةِ المفعول، ولذلك أعرَبَ الْحُذَّاقُ قولَ النابغة:[البسيط]
والثالث من وجوه» تُؤتِي «: أن تكون خبرَ مُبتدأ مضمر، أي: أنت تؤتي، لتكون الجملة اسمية وحينئذ يجوز أن تكون مستأنفةً، وأن تكون حالية.
قوله:» تشاء «أي: تشاء إيتاءَه، وتشاء انتزاعه، فحذف المفعول بعد المشيئة؛ للعلم به، والنزع: الجذب، يقال: نَزَعَه، ينزعه، نزعاً - إذا جذَبَهُ - ويُعَبَّر به عن المَيْل، ومنه: نزعت نفسه إلى كذا كأن جاذباً جذبها، ويعبر به عن الإزالة، يقال نزع الله عنك الشر - أي: أزاله - ومنه قوله تعالى:{يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا}[الأعراف: ٢٧] ومثله هذه الآية، فإن المعنى وتُزيل الملك.
فصل في بيان سبب النزول
في سبب النزول وجوهٍ:
أحدها: قال ابن عباس وأنس: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حين افتتح مكة - وعد أمته ملك فارس والروم، فقال المنافقون واليهود: هيهاتَ، هيهاتَ، من أين لمحمد ملك فارس والروم -