للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

عليه السلام - وإن كان الله - تعالى - أعطاه آياتٍ تدل على نبوته، من إحياءِ الموتى - وغير ذلك - فإن الله - عَزَّ وَجَلَّ - هو المنفردُ بهذه الأشياءِ - من قوله: {تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ} إلى قوله: {وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} .

فصل

قوله: {مَالِكَ الملك} أي: مالك العباد وما ملكوا.

وقيل: مالك السموات والأرض قال الله تعالى - في بعض كتبه -: «أَنَا اللهُ، مالك الملك وملك الملوك، قُلُوبُ المُلُوكِ ونواصِيهم بِيَدِي، فإِن العِبَادُ أطاعوني جَعَلْتُهُم عَلَيهم رحمةً، وإن عصوني جعلتُهُم عليهم عقوبةً، فلا تشغلوا أنفسَكم بسَبِّ الملوكِ، ولكن توبوا إليَّ فأُعَطِّفَهُم عَلَيكُم» .

فصل

قال الزمخشريُّ: «مالك الملك، أي: يملك جنس الملك، فيتصرف فيه تصرُّفَ المُلَاّك فيما يملكون» .

قال مجاهدٌ وسعيدٌ بنُ جُبَيْر والسُّدِّي: «تُؤتِي الْمُلْكَ» يعني النبوَّة والرسالة، كما قال تعالى: {فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَاهِيمَ الكتاب والحكمة وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً} [النساء: ٥٤] ، فالنبوة أعظم مراتب الملك؛ لأن العلماء لهم أمر عظيم على بواطن الخلقِ، والجبابرة لهم أمر على ظواهر الخلق والأنبياء أمرهم نافذ ظاهراً وباطناً، أما باطناً؛ فلأنه يجب على كل أحد أن يقبل دينهم وشريعتَهم، وأن يعتقدَ أنه هو الحقُّ، وأما ظاهراً؛ فلأنهم لو خالفوهم لاستوجبوا القتلَ.

فإن قيل: قوله: {تُؤْتِي الملك مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ} يدل على أنه قد يَعْزِل عن النبوة مَنْ جعله نَبِيًّا، وذلك لا يجوزُ.

فالجوابُ من وجهين:

الأول: أن الله تعالى - إذا جعل النبوة في نسل رجلٍ، فإذا أخرجها الله تعالى من نسله، وشرَّف بها إنساناً آخرَ - من غير ذلك النسل - صح أن يقال: إنه - تعالى - نَزَعَهَا منهم، واليهود كانوا معتقدين أن النبوةَ لا تكون إلا في بني إسرائيل، فلما شرَّف الله بها محمَّداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ صَحّ أن يُقَالَ: إنه نزع مُلْكَ النبوةِ من بني إسرائيلَ إلى العرب.

الثاني: أن يكون المراد من قوله: {وَتَنزِعُ الملك مِمَّنْ تَشَآءُ} ، أي: تحرمهم، ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>