الولوج: الدخول، والإيلاج: الإدخالُ - ومعنى الآية على ذلك.
وقول من قال: معناه النقص فإنما أراد اللازم؛ لأنه - تبارك وتعالى - إذا أدخل من هذا في هذا فقد نقص المأخوذ منه المُدْخَل في ذلك الآخر. وزعم بعضهم أن تولج بمعنى ترفع، وأن «في» بمعنى «على» وليس بشيءٍ.
وقيل: المعنى: أنه - تعالى - يأتي بالليل عقيب النهار -، فيُلْبس الدنيا ظُلْمَتَه - بعد أن كان فيها ضوءُ النهارِ - ثم يأتي بالنهار عقيب الليل، فيُلْبس الدنيا ضَوْءَه، فكأن المراد من إيلاج أحدهما في الآخر إيجاد كل واحد منهما عقيب الآخر.
قال ابن الخطيب:«والقول بأن معناه النقص أقرب إلى اللفظ؛ لأنه إذا كان النهار طويلاً، فجعل ما نقص منه زيادةٍ في الليل، كان ما نقص منه زيادة في الآخر» .
قوله:{وَتُخْرِجُ الحي مِنَ الميت} اختلف القراء في لفظة «الْمَيِّتِ» فقرأ ابنُ كثير وأبو عَمْرو وابن عامر وأبو بكر عن عاصم لفظ «الْمَيْتِ» من غير تاء تأنيث - مُخَفَّفاً، في جميع القرآن، سواء وصف به الحيوان نحو:{وَتُخْرِجُ الحي مِنَ الميت}[آل عمران: ٢٧] أو الجماد نحو: {فَسُقْنَاهُ إلى بَلَدٍ مَّيِّتٍ}[فاطر: ٩]- مُنَكَّراً أو معرفاً كما تقدم ذكره - إلا قوله تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَّيِّتُونَ}[الزمر: ٣٠] ، وقوله:{وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ}[إبراهيم: ١٧]- في إبراهيم - مما لم يمت بعد، فإن الكل ثقلوه، وكذلك لفظ «الميتة» في قوله: {وَآيَةٌ لَّهُمُ الأرض الميتة}[يس: ٣٣] دون الميتة المذكورة مع الدم - فإن تلك لم يشدِّدْها إلا بعضُ قُرَّاء الشواذ - وكذلك قوله:{وَإِن يَكُن مَّيْتَةً}
[الأنعام: ١٣٩] ، وقوله:{فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً}[الزخرف: ١١] ، وقوله:{إِلَاّ أَن يَكُونَ مَيْتَة}[الأنعام: ١٤٥] فإنها مخَفَّفاتٌ عند الجميع، وثَقّل نافعٌ جميعَ ذلك، والأخوان وحفص - عن نافع - وافقوا ابن كثير ومن معه في الأنعام في قوله:{أَوَ مَن كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاه}[الأنعام: ١٢٢] ، وفي الحجرات:{أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتا}[الحجرات: ١٢] ، وفي يس:{الأرض الميتة}[يس: ٣٣] ، ووافقوا نافعاً فيما عدا ذلك، فجمعوا بين اللغتين؛ إيذاناً بأن كلاًّ من القراءتين صحيح، وهما بمعنًى؛ لأن «فَيْعِل» يجوز تخفيفه في المعتل بحَذْف إحْدى ياءَيْه، فيقال: هَيْن وهيِّن، لَيْن وليِّن، ميْت وميِّت، وقد جمع