ذكر، ونظير تقديرِ المضافِ هنا - قوله:{فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي}[إبراهيم: ٣٦] ، أي: من أشياعي وأتباعي، وكذا قوله:{وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مني}[البقرة: ٢٤٩] أي: من أشياعي وقول العرب: أنت مني فرسخين، أي: من أشياعي ما سرنا فرسخين، ويجوز أن يكون «مِنَ اللهِ» هو خبر «ليس» و «فِي شيءٍ» يكون حالاً منالضمير في «لَيْسَ» - كما ذهب إليه ابن عطية تصريحاً، وغيره إيماءً، وتقدم الاعتراض عليهما والجواب «.
قوله:{إِلَاّ أَن تَتَّقُواْ} هذا استثناء مُفَرَّغ من المفعول من أجله، والعامل فيه» لا يَتَّخِذْ «أي: لا يتخذ المؤمنُ الكافرَ وليًّا لشيء من الأشياء إلا للتقيةِ ظاهراً، أي: يكون مواليه في الظاهر، ومعاديه في الباطن، وعلى هذا فقوله:{وَمَن يَفْعَلْ ذلك} وجوابه معترضٌ بين العلةِ ومعلولِها وفي قوله: {إِلَاّ أَن تَتَّقُواْ} التفات من غيبةٍ إلى خطابٍ، ولو جرى على سنن الكلامِ الأول لجاء الكلام غيبة، وذكروا للالتفات - هنا - معنى حسناً، وذلك أن موالاةَ الكفارِ لما كانت مستقبحةً لم يواجه الله - تعالى - عباده بخطاب النهي، بل جاء به في كلام أسْندَ الفعل المنهي عنه لغيب، ولما كانت المجاملة - في الظاهر - والمحاسنة جائزة لعذرٍ - وهو اتقاء شرهم - حَسُنَ الإقبال إليهم، وخطابهم برفع الحرج عنهم في ذلك.
قوله:{تُقَاةً} في نصبها ثلاثة أوجهٍ، وذلك مَبْنِيٌّ على تفسير» تُقَاةً «ما هي؟
أحدها: أنها منصوبةٌ على المصدرِ، والتقدير: تتقوا منهم اتِّقَاءً، ف» تُقَاة «واقعة موقع الاتقاء، والعرب تأتي بالمصادر نائبة عن بعضها، والأصل: أن تتقوا اتقاءً - نحو تقتدر اقتداراً - ولكنهم أتوا بالمصدر على حذف الزوائدِ، كقوله:
{أَنبَتَكُمْ مِّنَ الأرض نَبَاتاً}[نوح: ١٧] والأصل إنباتاً.