للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أصله، وكأن الفرق أن» تُقَاةً «- هذه - رُسِمَتْ بالياء، فلذلك وافق حمزةُ الكسائيَّ عليه، ولذلك قال بعضهم:» تَقِيَّة «- بوزن مطيّة - كما تقدم؛ لظاهر الرسم، بخلاف» تُقَاتِهِ «.

قال شهاب الدين: [وإنما أمعنت في سبب الإمالة هنا؛ لأن بعضهم زعم أن إمالة هذا شاذٌّ؛ لأجل حرف الاستعلاء، وأن سيبويه حكى عن قوم أنَّهم يُميلُون شَيْئاً لا تجوز إمالَُه، نحو: رَأيْتُ عِرْقَى بالإمالة، وليس هذا من ذلك؛ لما تقدم لك من أن سبب الإمالة في كسْرِهِ ظاهرٌ.

وقوله:» مِنْهُمْ «متعلق ب» تَتَّقُوا «أو بمحذوف على أنه حال من» تُقَاةً «؛ لأنه - في الأصل - يجوز أن يكون صفةً لها، فلما قُدِّم نُصِبَ حالاً، هذا إذا لم نجعل» تُقَاةً «حالاً، فأما إذا جعلناها حالاً تعيَّن أن يَتَعلَّق» مِنْهُمْ «بالفعل قبله، ولا يجوز أن يكون حالاً من» تُقَاةً «لفساد المعنى؛ لأن المخاطبين ليسوا من الكافرين.

فصل في كيفية النظم

في كيفية النظمِ وجهان:

أحدهما: أنه - تعالى - لما ذكر ما يجب أن يكون المؤمن عليه في تعظيم اللهِ - تعالى - ذكر بعده ما يجب أن يكون المؤمن عليه في المعاملة مع الناس، فقال: {لَاّ يَتَّخِذِ المؤمنون الكافرين أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ المؤمنين} .

والثاني: أنه لما بَيَّن أنه - تعالى - مالك الدنيا والآخرة، بيَّن أنه ينبغي أن تكون الرغبة فيما عنده وعند أوليائه - دون أعدائه -.

فصل

في سبب النزول وجوه:

أحدها: قال ابن عبّاسٍ: كان الحجاج بن عمرو وابنُ أبي الحُقَيْقِ وقيسُ بنُ زيد [قد بطنوا] بنفر من الأنصار؛ ليفتنوهم عن دينهم، فقال رفاعة بن عبد المنذر وعبد الله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر من المسلمين: اجتنبوا هؤلاءِ اليهودَ، واحذروا أن يفتنوكم عن دينكم، فأبى أولئك النفر إلاّ مباطَنَتَهُمْ، فنزلت هذه الآية.

وثانيها: قال مقاتلٌ: نزلت في حاطب بن أبي بلتعةَ، وغيره؛ حيث كانوا يُظْهرون المودةَ لكفار مكة فنهاهم عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>