للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

الشرط اقتضاها، فتدافَعَا، وهذا بخلاف: ضرب زيد أخاه؛ فإنها جملة واحدة، والفعل عامل في الفاعل والمفعول معاً، فكل واحد منهما يقتضي صاحبه، ومن ذلك جاز - عند بعضهم - ضرب غلامُها هنداً، لاشتراك الفاعل - المضاف إلى الضمير - والمفعول الذي عاد عليه الضمير - في العامل، وامتنع ضرب غلامُها جازَ عنده؛ لعدم الاشتراك في العامل، ففرق ما بين المسألتين، ولا يُحْفَظ من لسان العربِ: أوَدُّ لو أني أكْرمه أبا ضربتُ هِندٍ؛ لأنه يلزم منه تقديم المُضْمَر على مفسِّره - في غير المواضع التي ذكرها النحويون - فلذلك لا يجوز تأخيره «انتهى.

وقد جوَّز ابو البقاء كونَها شرطية، ولم يلتفت لما مَنَعُوا به ذلك، فقال:» والثاني - أنها شرط وارتفع «تَوَدُّ» على إرادة الفاء، أي: فهو تود «.

ويجوز أن يرتفع من غير تقدير حذف؛ لأن الشرط - هنا - ماضٍ، وإذا لم يظهر في الشرط لفظ الجزم جاز في الجزاء الوجهان: الجزم والرفع.

[وقد تقدم تحقيق القول في ذلك، فالظاهر موافقته للقول الثالث من تخريج الرفع في المضارع كما تقدم تحقيقه وقرأ ... ] عبد الله وابن أبي عبلة: «ودت» - بلفظ الماضي - وعلى هذه القراءة يجوز في «ما» وجهان:

أحدهما: أن تكون شرطية، وفي محلها - حينئذ - احتمالان.

الأول: النصب بالفعل بعدها، والتقدير: أيَّ شيء عملت من سوء ودت، ف «وَدَّتْ» جواب الشرط.

الثاني: الرفع على الابتداء، والعائد على المبتدأ محذوف، تقديره: وما عملته، وهذا جائز في اسم الشرط خاصة عند افرّاء في فصيح الكلام، أعني حذف عائد المبتدأ إذا كان منصوباً بفعل نحو: «أيُّهُمْ ضرب أكرمه» - برفع «أيُّهم» وإذا كان المبتدأ غير ذلك ضَعُفَ نحو: زيدٌ ضربت، [وسيأتي لهذه المسألة مزيد بيان في قراءة من قرأ: «أفحكمُ الجاهلية يبغون» ، وفي قوله: «وكل وعد الله الحسنى» في الحديد] .

الوجه الثاني من وجهي «ما» : أن تكون موصولة، بمعنى: الذي عملته من سوء ودت لو أن بينها وبينه أمدا بعيداً، ومحلها - على هذا - رفع بالابتداءِ، و «وَدَّتْ» الخبر، وهو اختيار الزمخشريِّ؛ لأنه قال: «لكن الحمل على الابتداء والخبر أوْقَعُ في المعنى: لأنه حكاية الكائن في ذلك اليوم، وأثبت؛ لموافقة قراءة العامة» انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>