وقال مقاتلٌ: كما بين المَشرق والمَغْرِب؛ لقوله تعالى:{ياليت بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ المشرقين}[الزخرف: ٣٨] .
قال الحسنُ: يسر أحدهم أن لا يلقى عمله أبداً.
اعلم أن المقصود تَمَني بُعْدِه، سواء حملنا لفظ الأمَد على الزمان، أو على المكان.
ثم قال:{وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ} وهو تأكيد للوعيد، ثم قال:{والله رَؤُوفُ بالعباد} وفيه وجوه:
الأول: أنه رؤوفٌ بهم، حَيْثُ حذَّرهم من نفسه، وعرفهم كمالَ علمِه وقدرتهِ، وأنه يُمْهِل ولا يُهْمِل، ورغبهم في استيجاب رحمته، وحذَّرهم من استحقاق غضبه.
قال الحسنُ:«ومن رأفته بهم أن حذَّرَهُم نفسه» .
الثاني: أنه رؤوف بالعباد، حيث أمْهَلَهُمْ للتوبة والتدارك والتَّلَافِي.
الثالث: أنه لما قال: {وَيُحَذِّرُكُمُ الله نَفْسَهُ} - وهو للوعيد - أتبعه بالوعد، وهو قوله:{والله رَؤُوفُ بالعباد} ، ليعلم العبد أن وَعْدَ رحمته غالب على وعيده.
الرابع: أن لفظ «العباد» في القرآن مختص بالمؤمنين، قال تعالى:{وَعِبَادُ الرحمن الذين يَمْشُونَ على الأرض هَوْناً}[الفرقان: ٦٣] ، وقال:{عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ الله}[الإنسان: ٦] ، فعلى هذا لما ذكر وعيد الكفار والفساق ذكر وعد أهل الطاعة، فقال:{والله رَؤُوفُ بالعباد} ، أي: كما هو منتقم من الكفار والفساق فهو رؤوف بالعباد المطيعين.