الاعتراض - بين بعض أجزائها، وبعض اعتراض بجملة - وهي قوله:{لَّوْ تَعْلَمُونَ} اعتراضٌ بها بين المنعوتِ الذي هو «لَقَسَمٌ» - وبين نعته - الذي هو «عَظِيمٌ» - فهذا اعتراضٌ، فليس فصلاً بجملتي اعتراض كقوله:{والله أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذكر كالأنثى} .
قال شهابُ الدين: والمشاحَّة بمثل هذه الأشياء ليست طائلة، وقوله:«ليس فصلاً بجملتي اعتراض» ممنوع، بل هو فَصْلٌ بجملتي اعتراض، وكونه جاء اعتراضاً في اعتراض لا يضر ولا يقدَح في قوله: فصل بجملتين «ف» سمى «يتعدى لاثنين، أحدهما بنفسه، وإلى الآخر بحرف الجر، ويجوز حذفه، تقول: سميت زيداً، والأصل: بزيدٍ، وجمع الشاعرُ بين الأصل والفرع في قوله:[المتقارب]
أي يسمى بالجُعَل - وقد تقدم الكلامَ في مريمَ واشتقاقها ومعناها.
فصل
ظاهر هذا الكلام يدل على أن عمران كان قد مات قبل وَضْعِ حَنَّة مَرْيمَ، فلذلك تولَّت الأم تسميتها؛ لأن العادة أن التسمية يتولاّها الآباء، وأرادت بهذه التسمية أن تطلب من الله أن يعصمها من آفاتِ الدين والدنيا؛ لأن مريم - في لغتهم - العابدة، ويؤكد ذلك قوله: بعد ذلك: {وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشيطان الرجيم} . وقولها:{سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} جَعَلت هذا اللفظَ اسماً لها وهذا يدل على أن الاسم والمسمى والتسمية أمور ثلاثة متغايرة، وعلى أن تسمية الولد يكون يوم الوضع.
قوله:{وِإِنِّي أُعِيذُهَا} عطف على {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا} وأتى - هنا - بخبر» إنَّ «فعلاً مضارعاً؛ دلالة على طلبها استمرار الاستعاذة دون انقطاعها، بخلاف قوله:{وَضَعْتُها} و {سَمَّيْتُهَا} حيث أتى بالخبرين ماضيَيْن؛ لانقطاعهما، وقدم المُعَاذَ به على المعطوف؛ اهتماماً به.
وفتح نافع ياءَ المتكلم قبل هذه الهمزة المضمومة، وكذلك ياء وقع بعدها همزة مضمومة إلا في موضعين فإن الكُلَّ اتفقوا على سكونها فيهما -: {بعهدي أُوف}[البقرة: ٤٠] و {آتوني أُفْرِغ}[الكهف: ٩٦] والباقي عشرة مواضع، هذا الذي في هذه السورة أحدها.
فصل
لما فاتها ما كانت تريد من أن يكون رجلاً خادماً للمسجد، تضرعت إلى الله تعالى