للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً} نبات: مصدر على غير المصدر؛ إذ القايس إنبات، وقيل: بل هو منصوب بمُضْمَرٍ موافق له أيضاً، تقديره: فتنبت نباتاً حسناً، قاله ابنُ الأنباريّ.

وقيل: كانت تنبت في اليوم كما ينبت المولود في العام.

وقيل: تنبت في الصلاح والعِفَّةِ والطاعةِ.

وقال القرطبي: {وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً} أي: سَوَّى خَلْقَها من غير زيادةٍ ولا نُقْصَانٍ.

قوله: {وَكَفَّلَهَا} قرأ الكوفيون {وَكَفَّلَهَا} - بتشديد الْعَيْنِ - «زَكَرِيَّا» - بالقصر - إلا أبا بكر، فإنه قرأه بالمد كالباقين، ولكنه ينصبه، والباقون يرفعونه.

وقرأ مجاهدٌ «فَتَقَبَّلَهَا» بسكون اللام «رَبَّهَا» منصوباً، «وأنْبَتَهَا» - بكسر الباء وسكون التاء - وكَفِّلْها - بكسر الفاء [وسكون اللام] والتخفيف وقرأ أبي: «وأكْفَلَهَا» - كأكْرَمَهَا - فعلا ماضياً.

وقرأ عبد الله المزني «وَكَفِلَهَا» - بكسر الفاء والتَّخْفِيفِ -.

فأما قراءة الكوفيين فإنهم عَدَّوُا الفعل بالتضعيف إلى مفعولين، ثانيهما زكريا، فمن قصره، كالأخَوَيْن وحفص - كان عنده مُقَدَّر النصب، ومن مَدَّ كأبي بكر عن عاصم أظهر فيه الفتحة وهكذا أقرأ به، وأما قراءة بقية السبعة ف «كَفِلَ» مخفف عندهم، متعد لواحد - وهو ضمير مريم - وفاعله زكريا.

قال أبو عبيدة: ضمن القيام بها، ولا مخالفة بين القراءتين؛ لأن الله لما كفَّلَها إياه كَفِلَها، وهو في قراءتهم ممدود، مرفوع بالفاعلية.

وأما قراءة: «أكْفَلهَا» فإنه عدَّاه بالهمزة كما عدَّاه غيرُه بالتضعيف نحو خرَّجْته وأخْرَجته، وكرَّمته وأكرمته وهذه قراءة الكوفيين في المعنى والإعْرَابِ؛ فإن الفاعل هو الله تعالى، والمفعول الأول هو: ضمير مَرْيَمَ والثاني: هو زكريا.

أما قراءة «وَكفِلها» - بكسر الفاءِ - فإنها لغة في «كَفَل» يقال: كَفَلَ يَكْفُل - كقَتَل يقْتُل - وهي الفاشية، وكَفِلَ يَكْفَلُ - كعَلِمَ يَعْلَمُ - وعليها هذه الْقِرَاءةُ، وإعرابها كإعراب قراءة الجماعة في كون «زكريا» فاعلاً.

وأما قراءة مجاهدٍ فإنها «كَفِّلْهَا» على لفظ الدعاء من أم مريم لله - تعالى - بأن يفعل لها ما سألته ربَّهَا منصوب على النداء، أي: فَتَقَبَّلْهَا يَا رَبَّهَا، وأنبِتْهَا وكَفِّلْهَا يَا رَبَّهَا،

<<  <  ج: ص:  >  >>