وقد زعم بعضهم أن «هُنا» و «هناك» و «هنالك» للزمان، فمن ورود «هنالك» بمعنى الزمان عند بعضهم - هذه الآية أي: في ذلك الزمان دعا زكريا ربه، ومثله:{هُنَالِكَ ابتلي المؤمنون}[الأحزاب: ١١] ، وقوله:{فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ} ومنه قول زهير: [الطويل]
وفي عبارة السجاوندي أن «هناك» في المكان، و «هنالك» في الزمان، وهو سهو؛ لأنها للمكان سواء تجردت، أو اتصلت بالكاف واللام معاً، أم بالكاف من دون اللام.
فصل
ذكر المفسّرون أن زكريا - عليه السلام - لما رأى خَوَارِقَ العادة عند مريم طمع في خرق العادةِ في حقه، فرزقه الله الولد من الشيخة العاقر.
فإن قيل: لِمَ قلتم: إنَّ زكريا - عليه السلام - ما كان عالماً بأن الله قادر على خَرْق العادة إلا عند مشاهدة تلك الكرامات عند مريم، وهذه النسبة شَكٌّ في قدرة الله - تعالى - من زكريا، وإن قلتم بأنه كان عالماً بقدرة الله تعالى على ذلك لم تكن المشاهدة سبباً لزيادة علمه بقدرة الله - تعالى - فلم يكن لمشاهدته لتلك الكرامات أَثرٌ في السببية؟
فالجواب: أنه كان عالماً قبل ذلك بالخوارق، أما أنّه هل تقع أم لا؟ فلم يكن عالماً به، فلما شاهد وعلم أنه إذا وقع كرامة لوَلِيّ فبأن يجوز وقوع معجزة لنبيّ كان أولى، فلا جرم قوي طمعه عند ذلك.
قوله:{مِن لَّدُنْكَ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه يتعلق ب «هَبْ» وتكون «مِنْ» لابتداء الغاية مجازاً، أي: يا رب هَبْ