للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وغَشَّى الله على أبصارهم، فيكون إذ ذاك معطوفاً على «ختم» عطف المصدر النائب مناب فعله في الدّعاء، نحو: «رحم الله زيداً وسُقياً له» فتكون إذ ذاك قد حُلْت بين «غشاوة» المعطوف وبين «خَتَمَ» المعطوف عليه بالجار والمجرور. وهو تأويل حسن، إلاّ أن فيه مناقشة لفظيةً؛ لأن الفارسي ما ادّعى الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه إنما ادعى الفصل بين حرف العطف والمعطوف عليه أي بالحرف، فتحرير التأويل أن يقال: فيكون قد حُلْت بين غشاوة وبين حرف العطف بالجار والمجرور.

والقراءة المشهورة بالكسر؛ لأن الأشياء التي تدلّ على الاشتمال تجيء أبداً على هذه الزُّنَة كالعِصَابة والعِمَامَة.

والغِشَاوة فِعَالة: الغطاء من غشاه إذا غطاه، وهذا البناء لِمَا يشتمل على الشيء، ومنه غشي عليه، وَالغِشْيَان كناية عن الجِمَاع.

و «القلب» أصله المصدر، فسمي به هذا العضو الصَّنَوْبَرِي؛ لسرعة الخواطر إليه وتردُّدها عليه، ولهذا قال: [البسيط]

١٦٢ - مَا سُمِّيَ الْقَلْبُ إِلَاّ مِنْ تَقَلُّبِهِ ... فَاحْذَرْ عَلَى القَلْبِ مِنْ قَلْبٍ وَتَحْوِيلِ

ولما سمي به هذا العضو التزموا تفخيمه فرقاً بينه وبين أصله، وكثيراً ما يراد به العقل ويطلق أيضاً على لُبِّ كل شيء وخالصه.

و «السمع» و «السماع» مصدران ل «سمع» ، وقد يستعمل بمعنى الاستماع؛ قال: [البسيط]

١٦٣ - وَقَدْ تَوَجَّسَ رِكْزَاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ ... بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ مَا فِي سَمْعَهَ كَذِبُ

أي: ما في استماعه. و «السِّمْع» - بالكسر - الذِّكْر بالجميل، وهو - أيضاً - ولد الذئب من الضَّبُع، ووحد وإن كان المراد به الجمع كالذي قبله وبعده؛ لأنه مصدر حقيقة، يقال: رَجُلان صَوْم، ورجال صوم، ولأنه على حذف مضاف، أي: مواضع سمعهم، أو حواس سمعهم، أو يكون كني به عن الأُذُن، وإنما لفهم المعنى؛ كقوله [الوافر]

١٦٤ - كُلُوا فِي بَعْضِ بَطْنِكُمُ تَعِفُّوا ... فَإِنَّ زَمَانَكُمْ زَمَنٌ خَمِيصُ

أي: بطونكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>