قوله:{ذلك مِنْ أَنَبَآءِ الغيب نُوحِيهِ} يجوز فيه أوجه:
أحدها: أن يكون «ذَلِكَ» خبرَ مبتدأ محذوفٍ، وتقديره: الأمر ذلك. و {ذلك مِنْ أَنَبَآءِ الغيب} متعلقاً بما بعدَه، وتكون الجملة من «نُوحِيهِ» - إذ ذاك - إما مُبَيِّنَة وشارحة للجملة قبلها، وإما حالاً.
الثاني: أن يكون «ذَلِكَ» مبتدأ، و {مِنْ أَنَبَآءِ الغيب} خبره، والجملة من «نُوحِيهِ» مستأنفة، والضميرُ من «نوحِيهِ» عائد على الغيب، أي: الأمر والشأن أنا نوحي إليك الغيب ونعلمك به ونُظهرك على قصص مَنْ تقدمك مع عدم مدارستك لأهل العلم والأخبار، ولذلك أتى بالمضارع في «نُوحِيهِ» . وهذا أحسن من عَوْده على «ذَلِكَ» ؛ لأن عَوده على الغيب يشمل ما تقدم من القصص، وما لم يتقدم منها، ولو أعدته على «ذَلِكَ» اختص بما مَضَى وتقدم.
الثالث: أن يكون «نُوحِيهِ» هو الخبر و {مِنْ أَنَبَآءِ الغيب} على وجهَيْه المتقدمَيْن من كونه حالاً من ذلك، أو متعلقاً ب «نُوحِيه» .
ويجوز فيه وجه ثالثٌ - على هذا - وهو أن يُجْعَل حالاً من مفعول «نُوحِيهِ» أي: نوحيه حال كونه بعض أنباءِ الغيبِ.
فصل
الإنباء هو الإخبارُ عما غاب عنك - والإيحاء، ورد بإزاء معانٍ مختلفةٍ، وأصله إعلام في خفاء يكون بالرمز والإشارة ويتضمن السرعة.