عدا الجَدَّة، وقد قضى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بابنة حمزة لجعفر - وكانت خالتها عنده - وقال:
«الخالة بِمَنْزِلَةِ الأمِّ» .
قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَتِ الملائكة} في هذا الظرف أوجهٌ:
أحدها: أن يكون منتصباً ب «يَخْتَصِمُونَ» .
الثاني: أنه بدل من «إذْ يَخْتَصِمُونَ» وهو قول الزجاج.
وفي هذين الوجهين بُعْدٌ؛ حيث يلزم اتحاد زمان الاختصام، وزمانِ قَوْل الكلام، ولم يكن ذلك؛ لأن وقت الاختصام كان صغيراً جِدًّا، ووقت قولِ الملائكةِ بعد ذلك بأحْيَانٍ.
قال الحسنُ: إنها كانت عاقلة في حال الصِّغَرِ، وإن ذلك كان من كراماتها. فإن صحَّ ذلك صحَّ الاتحاد، وقد استشعر الزمخشريُّ هذا السؤال، فأجاب بأن الاختصام والبشارة وقَعَا في زمان واسعٍ، كما تقول: لقيته سنةَ كذا، يعني أن اللقاءَ إنما يقع في بعض السنة فكذا هذا.
الثالث: أن يكون بدلاً من {وَإِذْ قَالَتِ الملائكة} - أولاً - وبه بدأ الزمخشريُّ - كالمختار له - وفيه بعد لكثرة الفاصل بين البدلَ والمبدل منه.
الرابع: نصبه بإضمار فعل.
الخامس: قال أبو عبيدة: «إذْ - هنا - صلة زائدة» . والمراد بالملائكة هنا: جبريل عليه السلام لما قررناه وقد تقدم الكلام في البشارة.
فصل
قال القرطبيُّ: «قوله تعالى: {إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ} دليل على نبوتها مع ما تقدم من كونها أفضل نساءِ العالمين، وأن الملائكة قد بلّغتها الوحي عن الله - عَزَّ وَجَلَّ - بالتكليف والإخبار والبشارة كما بلَّغت سائر الأنبياءِ، فهي إذاً نَبِيّة، والنبيُّ أفضل من الوليّ» . وقال ابنُ الخطيب: ذلك كرامة لها؛ إذ ليست نبية؛ لختصاص النبوةِ بالرجال، وقال جمهورُ المعتزلة؛ ذلك معجزة لعيسى - عليه السلام -.
قال ابنُ الْخَطِيبِ: وهو عندنا إرهاصٌ لعيسى، أو كرامة لمريم.
قوله: {بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ} في محل جر؛ صفة ل «كَلِمَةٍ» و «مِنْ» ليست للتبعيض؛ إذ لو كان كذلك، لكان الله - تعالى - مُتبعِّضاً مُتجزِّئاً - تعالى الله عن ذلك - بل لابتداء الغاية؛ لأن كلمة الله مبدأ لظهوره وحدوثه، والمراد بالكلمة - هنا - عيسى - لوجوده بها وهو قوله: كن فهو من باب إطلاق السبب على المُسَبّب.
فإن قيل: أليس كل مخلوق، فهو يخلق بهذه الكلمة؟