للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

«جِئْتُكمُ» ، أي: جئتكم [ملتبساً بآية] . والثاني: أن يكون متعلقاً بنفس المجيء، أي: جاءتكم الآية. . والآية: العلامة.

فإن قيل: لم قال «بِآيَةٍ» وقد أتى بآياتٍ؟

فالجوابُ: أن المراد بالآية: الجنس.

وقيل: لأن الكل دل على شيء واحدٍ، وهو صدقه في الرسالة.

قوله: {مِّن رَّبِّكُمْ} صفة ل «آيَةٍ» فيتعلق بمحذوف، أي: بآية من عند ربكم، ف «مِنْ» للابتداء مجازاً، ويجوز أن يتعلق {مِّن رَّبِّكُمْ} بنفس المجيء - أيضاً.

وقدر أبو البقاء الحال - في قوله: «بِآيَةٍ» - بقوله: «محتجاً بآيةٍ، إن عنى من جهة المعنى صح، وإن عنى من جهة الصناعة لم يَصِحّ؛ إذْ لم يُضْمَرْ في هذه الأماكن، إلا الأكوان المُطْلَقَة» .

وقرأ الجمهور «بِآيةٍ» - بالإفراد - في الموضعين، وابن مسعود -: بآياتٍ - جمعاً - في الموضعين.

قوله: {أني أَخْلُقُ} قرأ نافع بكسر الهمزة، والباقون بفتحها، فالكسر من ثلاثة أوجهٍ:

أحدها: على إضمار القول، أي: فقلت: إني أخلق.

الثاني: أنه على الاستئناف.

والثالث: على التفسير، فسر بهذه الجملة قوله: «بِآيَةْ» ، كأن قائلاً قال: وما الآية؟ فقال هذا الكلام.

ونظيره قوله: {إِنَّ مَثَلَ عيسى عِندَ الله كَمَثَلِ آدَمَ} [آل عمران: ٥٩] ثم قال: {خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ} [آل عمران: ٥٩] ف «خَلَقَهُ» مفسرة للمثل؛ ونظيره - أيضاً قوله: {وَعَدَ الله الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} [المائدة: ٩] ثم فسر الوعد {لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [المائدة: ٩] . وهذا الوجه هو الصائر إلى الاستئناف؛ فإن المستأنَفَ يؤتى به تفسيراً به لمجرد الإخبار بما تضمنه، وفي الوجه الثالث نقول: إنه متعلِّق بما تقدمه، مفسِّر له.

وأما قراءة الجماعة ففيها أرْبَعَةُ أوْجُهٍ:

أحدها: أنها بدل من {أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ} فيجيء، فيها ما تقدم في تلك؛ لأن حكمها حكمها.

<<  <  ج: ص:  >  >>