للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وقالت فرقة: كان فينا ابن الله - ما شاء الله - ثم رفعه الله إليه - وهم النسطورية.

وقالت فرقة: كان فينا عبدُ الله ورسوله - ما شاء الله - ثم رفعه الله إليه - وهؤلاء هم المسلمون.

فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يَزَل الإسلامُ طامساً حتى بَعَثَ اللهُ محمداً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ {فَآمَنَت طَّآئِفَةٌ مِّن بني إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّآئِفَةٌ} [الصف: ١٤] الآية على ما سيأتي من السورة إن شاء الله تعالى.

قوله: {وَرَافِعُكَ إلَيَّ} تمسَّك القائلون بالاستعلاء بهذه الآية، وأجيبُوا عنها بوجوهٍ:

أحدها: أن المراد إلى محل كرامتي، كقول إبراهيم: «إنِّي ذاهبٌ إلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ» وإنما ذهب إبراهيم عليه السلام من «العراق» إلى «الشام» ، ويُسَمَّى الحُجَّاجُ زُوَّارَ الله، والمجاورون جيران الله، والمراد من كل ذلك التفخيم والتعظيم، فكذا هاهنا.

وثانيها: أن معناه [رافعك إلى مكان] لا يملك الحكم عليه فيه غيرُ اللهِ؛ لأن في الأرض قد يتولى الخلقَ أنواعُ الحُكَّامِ، أمَّا السموات فلا حاكم هناك - في الظاهر وفي الحقيقة - إلا اللهُ.

وثالثها: أن القول بأن الله في مكان لم يكن ارتفاع عيسى إلى ذلك المكان سبباً لانتفاعه، بل إنما ينتفع بذلك لو وجد هناك مطلوبهُ من الثواب والرَّوح والريحان والراحة، فلا بد من حمل اللفظِ على أن المراد: ورافعك إلى محل ثوابك ومجازاتك، وإذا كان لا بد من إضمار ما ذكرناه لم يَبْقَ في الآية دلالة على ما ذكروه.

قوله: {وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الذين كَفَرُواْ} معناه مُخْرِجك من بينهم، ومُنَجِّيك، فكما عظَّم شأنَه بلفظ الرفع، أخبر عن معنى التخليص بلفظ التطهيرِ، وكل ذلك مبالغة في إعلاء شأنَه بلفظ الرفع، أخبر عن معنى التخليص بلفظ التطهيرِ، وكل ذلك مبالغة في إعلاء شأنِه وتعظيم منصبه عند الله تعالى.

قوله: {وَجَاعِلُ الذين اتبعوك} فيه قولان:

أظهرهما: أنه خطاب لعيسى عليه السلام.

الثاني: أنه خطاب لنبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فيكون الوقف على قوله: {مِنَ الذين كَفَرُواْ} تاماً، والابتداء بما بعده، وجاز هذا؛ لدلالة الحال عليه. و {فَوْقَ الذين كَفَرُواْ} ثاني مفعولي {وَجَاعِلُ} لأنه بمعنى مُصَيِّر فقط.

و {إلى

يَوْمِ

القيامة} متعلق بالجَعْل، يعني أن هذا الجعل مستمر إلى ذلك اليوم. ويجوز أن يتعلق الاستقرار المقدَّر في فَوْقَ أي: جاعلهم قاهرين لهم، إلى يَوْمِ القيامةِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>