للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وتعالَ فعل صريح، وليس باسم فعل؛ لاتصال الضمائرِ المرفوعةِ البارزة به.

قيل: وأصله طلب الإقبال من مكان مرتفع؛ تفاؤلاً بذلك وإدناءً للمدعو؛ لأنه من العلو والرِّفْعَة. ثم تُوُسِّعَ فيه، فاستعمل في مجرد طلب المجيء، حتى يقال ذلك لمن تريد إهانته - كقولك للعدو: تعالَ - ولمن لا يعقل كالبهائم ونحوها.

وقيل: هو الدعاءُ لمكان مرتفع، ثم تُوُسِّع فيه، حتى استُعمِل في طلب الإقبال إلى كل مكان، حتى المنخفض.

و «ندع» جزم على جواب الأمرِ؛ إذ يَصحُّ أن يقال: فتعالوا ندع.

قوله: «أبْناءنا» . قيل: اراد الحسن والحسين ويؤيده قوله تعالى: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام: ٨٤] {وَزَكَرِيَّا ويحيى وعيسى} [الأنعام: ٨٥] ومعلوم أن عيسى إنما انتسب إلى إبراهيم بالأم - لا بالأب - فثبت أن ابن البنت قد يسمى ابناً. و «نِساءَنَا» فاطمة، «وَأنْفُسَنَا» عني نفسه وعلياً، والعرب تسمي ابن العم نفسه كما قال: {وَلَا تلمزوا أَنفُسَكُمْ} [الحجرات: ١١] يريد إخوانكم.

وقيل هو على العموم لجماعة أهل الدين.

قوله: {ثُمَّ نَبْتَهِلْ} قال ابنُ عبّاس: نتضرع في الدعاء.

وقال الكلبي: نجتهد ونبالغ في الداعاء وقال الكسائيُّ وأبو عبيدة: نَلتعن. والابتهال: افتعال، من البُهْلَة، وهي - بفتح الباء وضمها - اللعنة، قال الزمخشريُّ: ثم نتباهل بأن نقول لعنة الله على الكاذب منا ومنكم والبهلة - بالفتح والضم - اللعنة، وبَهَلَه الله: لعنه وأبعده من رحمته من قولك: أبهله إذا أهمله، وناقة باهل: لا صِرَارَ عليها، أي: مرسلة مُخَلَاّة - كالرجل الطريد المنفي - وإذا كان البهل هو الإرسال والتخلية، فمن بهله الله فقد خلاه، ووكله إلى نفسه، فهو هالك لا شك فيه - كالناقة الباهل التي لا حافظ لها، فمن شاء حلبها، لا تقدر على الدفع عن نفسها هذا أصل الابتهال، ثم استُعْمِل في كل دعاء مُجْتَهَدٍ فيه - وإن لم يكن التعاناً -[يعني أنه اشتهر في اللغة: فلان يبتهل إلى الله - تعالى - في قضاء حاجته، ويبتهل في كشف كربته] .

قال شهاب الدّين: ما أحسن ما جعل «الافتعال» - هنا - بمعنى التفاعل؛ لأن المعنى لا يجيء إلا على ذلك، وتفاعل و «افتعل» أخوان في مواضع، نحو اجتوروا وتجاوروا، واشتوروا وتشاوروا، واقتتل القوم وتقاتلوا، واصطحبوا وتصاحبوا، لذلك صحت واو اجتوروا واشتوروا.

<<  <  ج: ص:  >  >>